للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكرتم، من كونها صفة كمال وجلال، منزهة عن مشابهة جارحة المخلوق:

هل عرفت كيفية الذات المقدسة المتصفة باليد؟ فلا بد أن يقول: لا.

فإن قال ذلك، قلنا: معرفة كيفية الصفات تتوقف على معرفة كيفية الذات، فالذات والصفات من باب واحد، فكما أن ذاته جل وعلا تخالف جميع الذوات، فإن صفاته تخالف جميع الصفات.

ومعلوم أن الصفات تختلف وتتباين باختلاف موصوفاتها.

ألا ترى مثلًا أن لفظة "رأس" كلمة واحدة، إن أضفتها إلى الإِنسان فقلت: رأس الإِنسان، وإلى الوادي فقلت: رأس الوادي، وإلى المال فقلت: رأس المال، وإلى الجبل فقلت: رأس الجبل، فإن كلمة الرأس اختلفت معانيها، وتباينت تباينًا شديدًا بحسب اختلاف إضافتها، مع أنها في مخلوقات حقيرة.

فما بالك بما أضيف من الصفات إلى الله وما أضيف منها إلى خلقه، فإنه يتباين كتباين الخالق والمخلوق، كما لا يخفى.

فاتضح بما ذكر أن الشرط في قول المقري في إضاءته:

• والنص إن أوهم غير اللائق *

شرط مفقود قطعًا؛ لأن نصوص الوحي الواردة في صفات الله، لا تدل ظواهرها البتة إلا على تنزيه الله، ومخالفته لخلقه في الذات والصفات والأفعال.

فكل المسلمين الذين يراجعون عقولهم، لا يشك أحد منهم في أن الظاهر المتبادر السابق إلى ذهن المسلم، هو مخالفة الله لخلقه،