فالظاهر المتبادر من لفظ اليد بالنسبة للمخلوق، هو كونها جارحة هي عظم ولحم ودم، وهذا هو الذي يتبادر إلى الذهن في نحو قوله تعالى:{فَاقْطَعُوا أَيدِيَهُمَا}.
والظاهر المتبادر من اليد بالنسبة للخالق في نحو قوله تعالى:{مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} أنها صفة كمال وجلال، لائقة بالله جل وعلا، ثابتة له على الوجه اللائق بكماله وجلاله.
وقد بين جل وعلا عظم هذه الصفة وما هي عليه من الكمال والجلال، وبين أنها من صفات التأثير كالقدرة، قال تعالى في تعظيم شأنها: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْويَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٦٧)}.
وبين أنها صفة تأثير كالقدرة في قوله تعالى:{قَال يَاإِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ}، فتصريحه تعالى بأنه خلق نبيه آدم بهذه الصفة العظيمة التي هي من صفات كماله وجلاله يدل على أنها من صفات التأثير كما ترى.
ولا يصح هنا تأويل اليد بالقدرة البتة، لإِجماع أهل الحق والباطل كلهم على أنه لا يجوز تثنية القدرة.
ولا يخطر في ذهن المسلم المراجع عقله، دخول الجارحة التي هي عظم ولحم ودم في معنى هذا اللفظ الدال على هذه الصفة العظيمة من صفات خالق السماوات والأرض.
فاعلم أيها المدعي أن ظاهر لفظ اليد في الآية المذكورة وأمثالها لا يليق بالله، لأن ظاهرها التشبيه بجارحة الإِنسان، وأنها يجب صرفها عن هذا الظاهر الخبيث، ولم تكتف بهذا حتى ادعيت