للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا كله من أشنع الباطل وأعظمه، فالآية لا يفهم من ظاهرها البتة، بوجه من الوجوه، ولا بدلالة من الدلالات، أن عيسى ابن الله، وادعاء نصارى نجران ذلك كذب بحت.

فقول الصاوي: كنصارى نجران ومن هذا حذوهم ممن أخذ بظواهر القرآن، صريح في أنه يعتقد أن ما ادعاه وفد نجران من كون عيسى ابن الله هو ظاهر القرآن، اعتقاد باطل باطل باطل، حاشا القرآن العظيم من أن يكون هذا الكفر البواح ظاهره، بل هو لا يدل عليه البتة فضلًا عن أن يكون ظاهره، وقوله: {وَرُوحٌ مِنْهُ} كقوله تعالى: {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ} أي كل ذلك، من عيسى ومن تسخير السماوات والأرض، مبدؤه ومنشؤه منه جل وعلا.

فلفظة (مِنْ) في الآيتين لابتداء الغاية، وذلك هو ظاهر القرآن، وهو الحق، خلافًا لما زعمه الصاوي وحكاه عن نصارى نجران.

وقد اتضح بما ذكرنا أن الذين يقولون: إن الأخذ بظواهر الكتاب والسنة من أصول الكفر، لا يعلمون ما هي الظواهر، وأنهم يعتقدون شيئًا ظاهر النص، والواقع أن النص لا يدل عليه بحال من الأحوال فضلًا عن أن يكون ظاهره.

فبنوا باطلًا على باطل، ولا شك أن الباطل لا يبنى عليه إلا الباطل.

ولو تصوروا معاني ظواهر الكتاب والسنة على حقيقتها لمنعهم ذلك من أن يقولوا ما قالوا.

فتصور الصاوي أن ظاهر آية الكهف المتقدمة هو حل الأيمان بالتعليق بالمشيئة المتأخر زمنها عن اليمين، وبناؤه على ذلك مخالفة ظاهر الآية لمذاهب الأئمة الأربعة، وأن الأخذ بظواهر الكتاب والسنة