غدًا، ثم نسيت أن تقول إن شاء الله، ثم تذكرت بعد ذلك، فاذكر ربك، أي قل إن شاء الله، أي لتتدارك بذلك الأدب مع الله الذي فاتك عند وقته بسبب النسيان، وتخرج من عهدة النهي في قوله تعالى: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (٢٣) إلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ}.
والتعليق بهذه المشيئة المتأخرة لأجل المعنى المذكور، الذي هو ظاهر الآية الصحيح، لا يخالف مذهبًا من المذاهب الأربعة ولا غيرهم، وهو التحقيق في مراد ابن عباس بما ينقل عنه من جواز تأخير الاستثناء، كما أوضحه كبير المفسرين أبو جعفر بن جرير الطبري رحمه الله، وقد قدمنا إيضاحه في الكلام على آية الكهف هذه.
فيا أتباع الصاوي المقلدين له تقليدًا أعمى على جهالة عمياء: أين دل ظاهر آية الكهف هذه، على اليمين بالله أو بالطلاق أو بالعتق أو بغير ذلك من الأيمان؟
هل النبي - صلى الله عليه وسلم - حلف لما قال للكفار: سأخبركم غدًا؟
وهل قال الله: ولا تقولن لشيء إني حالف سأفعل ذلك غدًا؟
ومن أين جئتم باليمين، حتى قلتم إن ظاهر القرآن هو حل الأيمان بالمشيئة المتأخرة عنها، وبنيتم على ذلك أن ظاهر الآية مخالف لمذاهب الأئمة الأربعة، وأن العمل بظواهر الكتاب والسنة من أصول الكفر؟
ومما يزيد ما ذكرنا إيضاحًا: ما قاله الصاوي أيضًا في سورة آل عمران في الكلام على قوله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْويلِهِ}، فإنه قال على كلام الجلال