للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جـ) في أيامها الأولى، عرَّفت الصهيونية اليهودي على أنه اليهودي الأبيض (أي الإشكناز) . وهي في هذا كانت متسقة تماماً مع نفسها، فقد كانت تقدِّم نفسها على أنها تجربة تتم داخل إطار التشكيل الاستعماري الغربي. ولكن، نظراً لملابسات الاستيطان نفسها ونظراً لطبيعة التكوين الإثني للمهاجرين، تم إخفاء هذا التعريف، الذي يعادل بين اليهودي والإشكنازي، عن الأنظار. ولكن إخفاءه عن الأنظار (أي اللجوء إلى الحل المراوغ) لا يحل المشكلة إذ أن القضية تثار بدرجات متفاوتة في الحدة. فالرؤية الكامنة التي توجِّه الدولة الصهيونية لا تزال أولاً وأخيراً رؤية إشكنازية تحاول القضاء على الأشكال الحضارية الشرقية التي أحضرها اليهود الشرقيون معهم (من السفارد واليهود العرب ويهود البلاد الإسلامية) . وقد أدَّى وصول الفلاشاه إلى طرح القضية مرة أخرى، إذ لم تعترف دار الحاخامية بيهوديتهم وطلبت منهم أن يتهودوا، كما أن لونهم الأسود قد أثار العنصرية البيضاء القديمة بين الإشكناز.

د) ومما يزيد مسألة الهوية تعقيداً، ظهور هوية إسرائيلية جديدة بين جيل الصابرا من الإشكناز تتسم بسمات عديدة من بينها احتقار عميق ليهود العالم (وعقلية المنفى) وعدم الاكتراث بالقيم التي يُقال لها «يهودية» في القول الصهيوني. ومن هنا، كان وصف عالم الاجتماع الفرنسي جورج فريدمان للصابرا بأنهم "أغيار يتحدثون العبرية"، ويجد البعض صعوبة بالغة في تصنيف هوية هؤلاء على أنها "يهودية". هذا وتشهد الدولة الصهيونية تصاعداً حاداً في مستويات التهويد والعلمنة الأمر الذي يعمق من حدة التناقضات.

<<  <  ج: ص:  >  >>