أ) إذا كان تعريف المسيحي في الولايات المتحدة مسألة شكلية، فإن هذا يعود إلى أن حكومة الولايات المتحدة لا تبحث عن شرعية مسيحية. ذلك أن مصادر شرعيتها تقع خارج نطاق الديانة المسيحية، بل ربما خارج التراث المسيحي ككل. أما الدولة الصهيونية فهي تدَّعي أنها يهودية وأنها تجسد قيماً (إثنية دينية أو علمانية) يهودية، وأنها استمرار للدولة اليهودية القديمة (ولذا يطلق الصهاينة على إسرائيل اصطلاح «الهيكل الثالث» ) . وانطلاقاً من هذا، تطلب الصهيونية من اليهود الالتفاف حولها ودعمها، وباسم هذه الهوية اليهودية المزعومة تقوم أيضاً بضم الأراضي. لكن الفشل في تعريف اليهودي يضعف مقدراتها التعبوية ويضرب أسطورة الشرعية في الصميم.
ب) تدَّعي الدولة الصهيونية أنها دولة كل اليهود في أنحاء العالم. ومن المعروف أن المؤسسة الدينية في إسرائيل تصر على أن التهويد يجب أن يتم على يد حاخام أرثوذكسي، وهذا يعني في واقع الأمر استبعاد أكثر من ٨٠% من يهود العالم الذين يعرِّفون اليهودي على أسس لادينية أو لا يقبلون اليهودية الأرثوذكسية. فأغلبية يهود الاتحاد السوفيتي قد تحولوا إلى يهود إثنيين، أو يهود غير يهود، والمهاجرون منهم حينما يصلون إلى إسرائيل يواجهون الكثير من المتاعب بسبب إصرار المؤسسة الأرثوذكسية على تعريفها. كما أن كثيراً منهم طرف في زيجات مُختلَطة (أي من غير اليهود) ، وبالتالي لا تعترف المؤسسة الأرثوذكسية بأولادهم يهوداً. أما يهود الولايات المتحدة، فإن أعداداً كبيرة منهم من الإصلاحيين والمحافظين الذين لا يعترف الأرثوذكس بيهوديتهم.