لعل أولى الخطوات التي تتخذها أية حركة بعث قومي أو حركة تحرُّر وطني هي تحديد الـ «نحن» ومنْ «هم» ، ومنْ يقع داخل نطاق الهوية ومنْ يقع خارجها. وهذه الخطوة ليست أكاديمية أو حماسية أو مجرد ديباجة تبريرية وإنما هي من صميم الفعل السياسي، إذ أنها خطوة ضرورية لصياغة المشروع، بجميع جوانبه الحضارية والسياسية والاقتصادية، وللتعريف بمن سيتم تجنيده ومن سيتم استبعاده، وتحديد الصديق والعدو، وحدود الدولة، وهويتها، وسكانها، ومن يحق له الهجرة إليها وهكذا. وقد طرحت الصهيونية نفسها باعتبارها حركة تحرير الشعب اليهودي ومرادفة للقومية اليهودية وبدأت من القول بأن اليهود شعب واحد يندرج داخله كل أعضاء الجماعات اليهودية وأن ثمة تاريخاً يهودياً واحداً يدورون جميعهم في إطاره. وانطلاقاً من هذا تقرَّر أن تؤسَّس الدولة اليهودية.