وتفجر دار الحاخامية من آونة لأخرى بعض التناقضات الكامنة في الأطروحات التي تستند إليها الدولة الصهيونية. فالصهاينة يفترضون وحدة اليهود. ولذا، فحينما تشكِّك الحاخامية في يهودية بني إسرائيل من الهند والفلاشاه من أثيوبيا فإنها تهز هذه الوحدة من جذورها. وحين ترفض الاعتراف بالحاخامات الإصلاحيين والمحافظين، وبعمليات التهود التي يشرف عليها هؤلاء الحاخامات، وحينما تُصر على التحقق من الأصول اليهودية للمهاجرين السوفييت فإنها تخلق توترا بين الدولة الصهيونية والأغلبية الساحقة من يهود العالم، وتُعيد طرح السؤال الذي لا يريد أن يتوارى، أي من هو اليهودي؟ كما أنها تعمق الانقسامات داخل إسرائيل نفسها بين أصحاب التعريف العلماني لليهودي وأصحاب التعريف الديني القومي، فهي تُصر على التمسك بسياسة الوضع الراهن وعلى إقامة بعض الشعائر وتُحارب الإباحية المتزايدة في المجتمع الصهيوني، الأمر الذي يثير حنق العلمانيين، وخصوصاً أن الإباحية والانفتاح مرتبطان تماماً بالقطاع السياحي وهو من أهم القطاعات في المجتمع الصهيوني. ويحاول العلمانيون داخل إسرائيل، واليهود الإصلاحيون والمحافظون ـ داخلها وخارجها ـ تكوين تحالف مشترك ضد الحاخامية الأساسية والمؤسسة الدينية الأرثوذكسية.