وانطلاقاً من هذا، تَخطَّى هرتزل الجميع (الجميع كانوا تقريباً من شرق أوربا) . وقد بدأ اتصالاته الدبلوماسية أو فلنقل إنه استمر فيها باعتبار أنه كان قد قام باتصالات قبل ذلك. ومن الشخصيات التي اجتمع بها لعرض مشروعه الصهيوني، ملك إيطاليا (عمانوئيل الثالث) ووزير داخلية روسيا (فون بليفيه) وكان شخصية مكروهة تماماً من يهود روسيا. ولكن هرتزل ركَّز معظم جهوده على القوتين الاستعماريتين العظميين آنذاك: ألمانيا وبريطانيا، وهما أيضاً القوتان اللتان كان لهما تطلعات استعمارية في الشرق الأوسط، وكانتا تتنافسان على حماية ومساعدة الباب العالي. ولم يكن هرتزل مُنظِّراً من الدرجة الأولى، ولكنه كان صحفياً يرصد الأحداث بذكاء ويتسم بحس عملي فائق، ولذلك فإنه بعد أن قضى بضع سنوات يغازل ألمانيا (والباب العالي) اكتشف أن الطريق إلى فلسطين يبدأ في لندن، فحمل أمتعته وذهب إلى هناك حيث وجد جوزيف تشامبرلين (وزير المستعمرات البريطاني في وزارة بلفور) شخصاً متفهماً لمشروعه، متقبلاً للفكرة المبدئية وهي حل مسألة يهود شرق أوربا على الطريقة الاستعمارية، أي نَقْلهم إلى الشرق. ولكن وقت تقسيم الدولة العثمانية لم يكن قد حان بعد، ولذا اقترح وزير المستعمرات على هرتزل أن يبحث عن أي أرض أخرى داخل الإمبراطورية الإنجليزية (قبرص ـ العريش ـ شرق أفريقيا) . وبعد عدة دراسات واقتراحات واتصالات، استقر الرأي على شرق أفريقيا بناءً على نصيحة تشامبرلين، ولكن الخطة لم يُكتَب لها النجاح. ومع هذا، يمكن القول بأنه تم من خلالها إجراء أول بروفة لتوقيع العقد الصامت بين الحضارة الغربية والحركة الصهيونية بشأن يهود العالم واتخاذ الإجراءات الأولية لتأسيس مُستوطَن صهيوني.