للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبإمكان اليهود الاختفاء أيضاً عن طريق الخروج الفردي أو الهجرة الفردية. ولعل هرتزل كان يشير هنا إلى ملايين اليهود التي هاجرت إلى الولايات المتحدة، ولكن اعتراضه على الهجرة الفردية يدخل ضمن اعتراضه على الصهيونية التسللية وصهيونية الأثرياء التوطينية، وهي في الواقع جهود فردية، ولا يمكن تحقيق الخروج إلا بشكل جماعي. ولنلاحظ أن كل الحلول "حلول نهائية" تنطوي على فكرة اختفاء اليهود، وقد ظل هذا هو جوهر الحل الصهيوني، فهرتزل (الصهيوني اليهودي غير اليهودي) لم يكن له اعتراض على الاندماج والذوبان والانصهار والاختفاء، فهو يقرر في دولة اليهود، بشيء من الاستحسان، أن اليهود لو تُركوا وشأنهم لاختفوا ولكنهم لا يُترَكون وشأنهم. كما أن كل الحلول النهائية المطروحة حلول يراها هرتزل غير رشيدة (وقد تَوصَّل النازيون إلى أن أكثر الحلول رشداً في مجال الخروج أو الترانسفير النهائي هو الإبادة، عن طريق السخرة وأفران الغاز، فهو توظيف للمادة البشرية يؤدي إلى نتائج مذهلة، وهذا ما تَوصَّل إليه صديق هرتزل: ألفريد نوسيج الذي تعاون مع النازيين وقدَّم لهم خطة تؤدي إلى الخروج النهائي من خلال الإبادة) .

٢ ـ نَفْع اليهود والحل الإمبريالي.

إذا كان اليهود شعباً عضوياً منبوذاً، فإن أوربا منذ عصر النهضة اكتشفت نَفْع اليهود وإمكانية حوسلتهم لصالح الحضارة الغربية، وهذا ما يفعله هرتزل في دولة اليهود. فهو أيضاً يكتشف إمكانية نفع اليهود وتوظيفهم لصالح أي راع إمبريالي يقوم بوضع المشروع الصهيوني موضع التنفيذ.

<<  <  ج: ص:  >  >>