والواقع أن صيغة الشعب العضوي صيغة خروجية تصفوية، إن صح التعبير، فهي تعني حتمية خروج الجسم الغريب (اليهود) من الكيان العضوي الأكبر (الحضارة الغربية) واختفائه تماماً، فالخروج هو "الحل النهائي". وقد بيَّن هرتزل أن ثمة علاقة بين خروج موسى والمشروع الصهيوني، ولكن الخروج على الطريقة الموسوية حل قديم بال. ويُعلمن هرتزل الخروج ويشير إلى طرق غير موسوية لإنجازه. ومع هذا، فهي تؤدي جميعاً إلى الهدف المنشود النهائي: يمكن أولاً أن يتم الخروج عن طريق الزواج المُختلَط، ولكن هذا يتطلب ارتفاع المستوى الاقتصادي. ومن الواضح أن ازدياد قوة اليهود المالية وتزاوجهم مع المسيحيين سيزيد تحكُّم اليهود في الاقتصاد، الأمر الذي سيزيد المسألة اليهودية حدة. وقد اقترح هرتزل كذلك عام ١٨٩٣ تعميد اليهود وتنصيرهم حلاًّ نهائياً للمشكلة. ولعل انضمام اليهود للحركات الاشتراكية كان يشكل أيضاً أحد الحلول من وجهة نظر البعض. ويشير هرتزل في دولة اليهود إلى إحدى المحاولات في عصره، وهي محاولة تحويل اليهود إلى قطاع اقتصادي منتج عن طريق توجيههم من التجارة الهامشية والربا إلى الأعمال الزراعية بحيث يصبح اليهود فلاحين. ويعترض هرتزل على هذا الاتجاه، فالطبقة الصاعدة هي العمال، كما أن اشتغال اليهود بالزراعة لن يزيل المشكلة فمراكز اشتغال اليهود بالزراعة في روسيا هي مراكز حركة معاداة اليهود.