للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأسلوب دريدا أمر جديد كل الجدة في الخطاب الفلسفي الغربي، يتسم بكونه طنيناً وجعجة بلا طحن، وإن أخرج طنيناً فهو تقليد مألوف لا يختلف عما قاله السوفسطائيون من قديم الأزل ولا يخرج عن كونه تعبيراً طفولياً غير أنيق عن العدمية. وحتى نعطي القارئ فكرة عن هذا الطنين سنقتبس بعض ما قاله دريدا عن شعر أرتو اللفظي. ينوه دريدا بهذا «الشعر الرائع» لأنه «لا يمثل لغة محاكاتية ولا خلق أسماء. بل يقودنا إلى حواف اللحظة التي لم تُولَد فيها الكلمة بعد والتي لم يَعُد فيها التمفصل [الكلامي] هو الصرخة، ولا يشكل الخطاب بعد، اللحظة التي يكون فيها التكرار أو الترديد، ومعه اللغة بعامة، مستحيلاً تقريباً: انفصال المفهوم والصوت، المدلول والدال، النقش والكتاب، حرية الترجمة والذات، حركة التأويل، اختلاف الروح والجسد، السيد والعبد، الإله والإنسان، المؤلف والممثل. إنه العشية السابقة لأصل اللغات» . وكل هذا الصخب يعني أنها لغة آدم قبل أن يتعلم الأسماء كلها، أي لغة آدم قبل أن ينفخ فيه الإله من روحه، أي لغة آدم حين كان كائناً طبيعياً بلا أصل إلهي غير قادر على الحديث (فوعيه لم يظهر بعد) ولكنه قادر على الصراخ كالحيوان وإصدار أصوات أخرى مرتبطة بالاستجابات الحسية المختلفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>