والاتساق الذي يفترضه وتظهر فيه الثغرات والتشققات ويقع في التناقض الذي لا يمكن حسمه.
وبهذه الطريقة، يحلل دريدا كل كلاسيكيات الفلسفة الغربية من أفلاطون إلى هيجل، كما يحلل بعض النصوص الفلسفية المعاصرة من ليفي شتراوس إلى لاكان ويقوم بتفكيكها، وهو بهذا يحاول تفكيك الحضارة الغربية نفسها.
والمشروع الفلسفي عند دريدا مُوجَّه ضد الإنسانية وضد علاقة الدال بالمدلول، ولذا فهو يبحث عن لغة بلا أصل وبلا حدود نظامها الإشاري لا يشير إلى شيء، لغة متأيقنة تماماً لا يوجد فيها أثر للإله أو المعنى أو أية مرجعية، وقد وجد ضالته فيما أسماه أنطوان أرتو (١٨٩٥ ـ ١٩٤٦)«الشعر اللفظي» وهو شعر مبني على مجاورة أصوات لا دلالة لها إلا أن تركيباتها النبرية تصنع حالات شعرية أو هكذا كان الظن. وفيما يلي مَثَلٌ من هذا الشعر اللفظي الأيقوني:«أوبيدانا/ ناكوميف/ تاوديدانا/تاوكوميف ـ ناسيدانو/ناكوميف/ تاركوميف/ناكومي» ، وتنتهي القصيدة بأصوات أخرى! (ومن الأمور التي قد يكون لها بعض الدلالة أن أنطوان أرتو قد أُودع مصحة عقلية في مقتبل حياته) .