وتَسبَّب الانهيار التدريجي للأساس الاقتصادي للجيتو في انهيار تدريجي معنوي وأخلاقي. ولكن ينبغي هنا أن نميِّز بين جيتوات أوربا والعالم الجديد من جهة، وجيتوات يهود اليديشية في شرق أوربا ووسطها وفي الألزاس واللورين من جهة أخرى. ففي هولندا، أخذت أحوال اليهود في التحسن ولم تُفرَض عليهم قيود شديدة عند استقرار يهود المارانو بها. والوضع نفسه في بوردو وبايون في فرنسا حيث كانتا تضمان جماعتين سفارديتين. وحينما استوطن اليهود في العالم الجديد، فإنهم لم يُوطَنوا في أحياء خاصة بهم، ومما سهل هذا أن هذه بلاد لم تكن ذات كثافة سكانية يهودية كبيرة.
ولكن الوضع كان على عكس ذلك تماماً في شرق أوربا ووسطها حيث تضاعف عدد اليهود في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي، الأمر الذي أدَّى إلى ازدحام الجيتوات. ومما زاد الطين بلة أن الأرض المصرح ببناء منازلهم عليها كانت محدودة حتى اضطروا في غالب الأمر إلى الاتساع الرأسي. ومن هنا كانت عمائر الجيتو متلاصقة، كما كانت تتميَّز بارتفاعاتها التي تفوق عمائر المدينة. وتَسبَّب ارتفاع العمائر وتَلاصُقها إلى حجب الشمس عن حارات الجيتوات، فأصبحت لذلك رطبة وغير صحية كما أصبحت أماكن شديدة القذارة تنتعش فيها الأمراض وتتراكم القاذورات (ومع هذا لنا أن نلاحظ أن كثيراً من الأحياء في مدن أوربا في القرن التاسع عشر لم تكن تختلف كثيراً عن جيتوات أعضاء الجماعات اليهودية) .