وإذا كان ذلك كذلك فإن الدعوة لاعتبار الذميين مواطنين تطرح نفسها بقوة خاصة مع تعدد فئات ومستويات معضدات هذه الفكرة. وعندما تناول العديد من المفكرين (فهمي هويدي ـ لؤي صافي ـ راشد الغنوشي ـ إدوارد الذهبي ـ سليم العوا، وغيرهم) صحيفة المدينة بالتحليل، وجدوا أن أهل الكتاب كانت لهم بموجب نص هذه الصحيفة حقوق المواطنة الكاملة يمارسون عبادتهم بحرية، ويناصحون المسلمين، ويتناصرون في حماية المدينة، ويتعاونون، كلٌّ في موقعه على حمل أعباء ذلك. ولعل من نص الصحيفة هذه ما يبرر ذلك حيث قالت:"وإنه من تبعنا من يهود فإن له النصر والأسوة غير مظلومين ولا مُتناصَر عليهم، وأن اليهود ينفقون مع المؤمنين ماداموا محاربين.. لليهود دينهم وللمسلمين دينهم.. مواليهم وأنفسهم.. إلا من ظلم وأثم، فإنه لا يوتغ [يهلك] إلا نفسه وأهل بيته.. وأن على اليهود نفقتهم وعلى المسلمين نفقتهم، وأن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة. وأن بينهم النصح والنصيحة دون إثم". (نص وثيقة المدينة) . وأكد ذلك أحمد طه السنوسي في تناوله فكرة الجنسية في التشريع الإسلامي المقارن.
وهكذا فإن مفهوم الذمة لا يتعارض مع مفهوم المواطنة حتى ذهب فهمي هويدي إلى إعادة النظر في مفهوم الذمة الذي يُعبِّر عن تصنيف وليس تمييز، ولا يرتب اختلافاً يستدعي استمرار الالتزام به.