للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا شك في أن هذا الذي سبق يخص فيما يخص أهل الذمة وإن كان أعم وأشمل. غير أن لأهل الذمة مزية خاصة لكونهم أهل توحيد يشاركهم في ذلك المجوس وكذلك السامرة والصابئة بشرط أن يوافقوا اليهود والنصارى في أصل عقيدتهم. ويقول الإمام علي رضي الله عنه إنهم قبلوا عقد الذمة لتكون أموالهم كأموالنا ودماؤهم كدمائنا، ويؤكدها السرخسي من مشاهير الفقهاء بقوله: «ولأنهم قبلوا عقد الذمة، لتكون أموالهم وحقوقهم كأموال المسلمين وحقوقهم» . بل أكثر من ذلك ذهب الفقه الإسلامي إلى أن حقوق الأقليات غير المسلمة طالما كانت مستمدة من الشريعة فإنها لا تتأثر بسوء معاملة الأقليات المسلمة في الدول غير الإسلامية وعليه، فلا يجوز، لدار الإسلام أن تسيء معاملة الأقليات غير المسلمة في إقليمها بحجة الأخذ بقاعدة «المعاملة بالمثل» . وذهب محمد عمارة إلى أبعد من ذلك حيث لم يعتبر ما للذميين حقوقاً وإنما هي ضرورات واجبة.

تأسيساً على تلك الأسس الفكرية كان لا مناص من اعتبار النظام الإسلامي أن أهل الذمة جزء من الرعية الإسلامية، مع احتفاظهم بعقيدتهم، ومن ثم فقد كانت المعاهدات الخارجية يُمثَّل فيها المسلمون والذميون كأمة متحدة.

ويؤكد محمد الغزالي أن الإسلام يرى أن من عاهد المسلمين من اليهود أو النصارى أنهم قد أصبحوا من الناحية السياسية أو الجنسية مسلمين لهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم من واجبات، وإن بقوا من الناحية الشخصية على عقائدهم وعبادتهم وأحوالهم الخاصة. ويؤكد الفكر الإسلامي أن انضواء الأفراد والجماعات في نطاق النظام السياسي الإسلامي قد أدَّى إلى اعتماد «الأمة» ، و «الرابطة الأمتية» إطاراً عاماً يحدد سلوك الأفراد واتجاهات الفعل السياسي ضمن المجتمع المسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>