للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُعَدُّ الكنعانيون أول من اخترع حروف الكتابة. وقد استعار منهم الفينيقيون، كما أخذ عنهم العبرانيون فيما بعد، أبجديتهم. والأدب الكنعاني الذي وصلنا هو أساساً من الشعر، وأهم الأعمال الأدبية ملحمة الإله بعل والإلهة عنت وتبدأ بالصراع بين بعل وإله البحر، وتنتهي بانتصار بعل. وتدور الملحمة حول قصة ذبح بعل ونزوله إلى مملكة الموتى التي يحكمها الإله موت حيث يؤدي اختفاء بعل إلى تَوقُّف الحياة على الأرض، وهنا تأتي الإلهة عنت بالإله موت وتذبحه. وهكذا يعود بعل إلى الأرض ومعه الخصوبة والوفرة. وتقوم القصة في معظمها على دورة الفصول، فالإله بعل مثلاً إله المطر والخصب ويحكم الأرض من سبتمبر إلى مايو، وموت إله الجدب والموت ويحل محل بعل في الصيف.

وديانة الكنعانيين ديانة خصب تعددية سامية كان لها أعمق الأثر في التفكير الديني للعبرانيين بعد تغلغلهم في كنعان. ولذا، فسوف نورد بشيء من التفصيل ما ورد في كتاب موسكاني عن الحضارات السامية القديمة حول هذا الموضوع. وأول ما يروع المرء في الدين الكنعاني أنه ذو مستوى أدنى كثيراً من دين أرض الرافدين، ويتبدَّى هذا بأجلى صورة في قسوة بعض طقوسه واهتمامه الغليظ بالعناصر الجنسية.

ومما يسترعي الانتباه أيضاً أن آلهته ذات طابع غير محدد أو ثابت. فالآلهة الكنعانية كثيراً ما تتبادل صفاتها وصلاتها، بل وجنسها أيضاً، حتى ليصعب أحياناً أن نعرف حقيقة طبيعتها وصلاتها بعضها ببعض. وهذا يرجع من ناحية إلى انعدام الوحدة بين الكنعانيين، ومن ناحية أخرى إلى أنه لم يكن ثمة طبقة من الكهان منظمة تنظيماً كافياً وتستطيع تنظيم الدين كما في أرض الرافدين.

<<  <  ج: ص:  >  >>