وكان الكنعانيون ينتظمون في جماعات صغيرة على رأس كل منها ملك يعيش في مدينة محصنة تُعَدُّ المدينة الأم، حولها أرض مزروعة تتناثر فيها القرى التي تُعَدُّ بنات المدينة الأم. وقد كانت هذه الدويلات المدن في حالة نزاع مستمر. ولا تزال معظم المدن في فلسطين تحمل أسماء كنعانية واضحة، مثل: أريحا وبيسان ومجدو.
والكنعانيون أول من اكتشف النحاس وجمعوا بينه وبين القصدير لإنتاج البرونز. كما استخدموا الذهب والفضة في تطعيم العاج، واستعملوا الحديد في مراحل متأخرة. وازدهرت عندهم أيضاً صناعة الأصباغ ولاسيما القرمز والأرجوان اللذين اقترنا باسمهم. وهم الذين اخترعوا السفن فازدهرت التجارة، واشتغلوا بزراعة الكروم والبن والمحاصيل الأساسية، مثل: القمح والعنب والزيتون.
وقد برع الكنعانيون في فن البناء وإنشاء القلاع والتحصينات، ربما بسبب انقسامهم إلى مدن/دول متصارعة، وقاموا بأعمال هندسية ضخمة لإيصال المياه إليها. وكانت الأبنية الدينية تتكون، في الغالب، من أراض في العراء تحيط بها أسوار وكانت تضم مذبحاً وحجرة أو أكثر مبنية بالحجر. وكان للمدن الكبيرة معابد مسقوف بناؤها، وهي أبنية أقرب إلى نمط أرض الرافدين. وقد تأثر الكنعانيون في فنونهم، وخصوصاً في النحت، بالمصريين والبابليين، كما تأثروا بفنون الشعوب الأخرى التي غزت المنطقة واستوعبتها. كما كان حفر الصور البارزة فناً مزدهراً نسبياً في كنعان مثلها مثل سائر أنحاء الشرق الأدنى القديم. فثمة أنصاب محفور عليها كالنصب المشهور للإله بعل في أوجاريت. ولكن الجزء الأكبر من الرسوم البارزة الكنعانية زخارف على أشياء صغيرة وُجد أهمها في أوجاريت مثل الطبق الذي رُسم عليه بالذهب البارز منظر صيد. وقد انتشر استعمال الأختام وتقدمت صناعتها. والشيء نفسه ينطبق على الحُلي وغيرها من أدوات الزينة.