ويمكن أن نعرض الآن لآراء تشومسكي في بعض القضايا السياسية المعاصرة. أهم إسهامات تشومسكي هو تسليطه الضوء على دور الولايات المتحدة في إدارة العالم الحديث وإفساده والهيمنة عليه، وهو دور مرتبط تمام الارتباط ببنية الولايات المتحدة السياسية. فهو يذهب إلى أن الولايات المتحدة هي الدولة التي يصل فيها نظام ما بعد كولومبوس (المبني على النهب والقرصنة) إلى الذروة، وتتبلور حقيقة هذا النظام مع ظهور المركَّب الصناعي العسكري. ولهذا النظام ضحاياه داخل الولايات المتحدة وخارجها. أما في الداخل، فإن مؤسساته تتجه نحو المزيد من السيطرة والهيمنة والمركزية حتى نجح النظام السياسي في الولايات المتحدة في أن يخلق جواً غير سياسي (يلائم الإنسان المرن ذا البُعد الواحد المفرغ من الداخل) . فعلى سبيل المثال، اختفى الوعي الطبقي تماماً حيث لا يُوفِّر مكتب الإحصاءات الاتحادي البيانات عن الطبقات الاجتماعية. والصحافة بدورها تعطي انطباعاً بأن معظم أعضاء الشعب الأمريكي ينتمون إلى الطبقة الوسطى. هذا على عكس الطبقة الرأسمالية التي تتسم بوعي طبقي حاد وتخوض حرباً طبقية صريحة. ولكن الإشارة إلى هذا الأمر تقتصر على الصحافة الاقتصادية.