للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد انتهى دور يهود البلاط بسبب تعاظم نفوذ الدولة المطلقة في أوربا وبسبب نجاحها التدريجي في تشديد قبضتها على مواطنيها من خلال مؤسسات رشيدة تضطلع بوظائف يهود البلاط. بالإضافة إلى ظهور بورجوازيات محلية قوية تمتلك من رؤوس الأموال والخبرات الإدارية ما يفوق مثيله لدى يهود البلاط. وأخيراً كان تقسيم بولندا ضربة للشبكة التجارية التي اعتمد عليها يهود البلاط. ثم جاءت الثورة الفرنسية بجيوشها وتقسيمها أوربا إلى معسكرين متنازعين بمثابة الضربة القاصمة.

ومن أشهر أسر يهود البلاط، أسرة ليفي وأوبنهايمر وجومبيريز، حيث حققوا ثروات كبيرة أثناء الحرب. ويُلاحَظ أنه مع نهاية القرن الثامن عشر بدأ كثير من أبناء هذه العائلات يتحولون من يهود بلاط إلى أعضاء في الرأسمالية الرشيدة ويتنصَّرون بأعداد كبيرة، أي يندمجون تماماً في الحضارة الغربية. ومن الأمور التي قد تكون ذات دلالة رمزية أن آخر يهود البلاط كان سولومون روتشيلد، من عائلة روتشيلد الشهيرة التي مولت النشاط الصهيوني في بدايته وتحالفت مع الإمبريالية لإنشاء الدولة الصهيونية. وسولومون هذا هو الذي ساعد ميترنيخ زعيم الرجعية الأوربية في القرن التاسع عشر على الاختفاء بعد سقوط النظم الرجعية تحت ضغط الحركات الشعبية والثورية. ونحن نرى أن الدولة الإمبريالية حينما تنشئ علاقة قوية يُقال لها إستراتيجية مع الدولة الصهيونية، فإنها في واقع الأمر علاقة نفعية تُوظِّف الدولة الراعية من خلالها العميل الصهيوني لصالحها، ولذا يمكننا أن نقول إنها تشبه في كثير من الوجوه علاقة الأمراء الألمان بيهود البلاط، وإن الدولة الصهيونية هي في واقع الأمر دولة وظيفية، دولة يهود البلاط الإمبريالي، إن جاز التعبير.

حسداي بن شفروط (٩١٥-١٠٥٥)

Hisdai Ibn Shaprut

<<  <  ج: ص:  >  >>