ومع هذا، كان ليهود البلاط موقف القيادة والزعامة بين يهود البلد الذي يعيشون فيه، ولكنها كانت قيادة مفروضة من الخارج، من عالم الأغيار، وتستمد شرعيتها من نجاحها فيه، وكانت قيادتهم مطلقة حتى أن أحد يهود البلاط أصر على أن تكون كل المناصب القيادية في إحدى الجماعات اليهودية مقصورة على أفراد أسرته، وهو أمر لم يكن شاذاً في عصر الملكيات المطلقة. وقد وصف أحدهم روتشيلد بأنه «ملك اليهود، ويهودي الملك» وهو وصف دقيق لوضع يهود البلاط وعلاقتهم بكلٍّ من النخبة الحاكمة غير اليهودية وأعضاء الجماعة اليهودية. وكان يهود البلاط يحتفظون ببعض العادات اليهودية، مثل اللحية، لأن وجودهم الاقتصادي كان يتوقف على شبكة الاتصالات اليهودية. وكانوا يحاولون أحياناً الحصول لليهود على حقوقهم ويشفعون لهم عند الحاكم كوسطاء (شتدلان) . وكان أعضاء الجماعة اليهودية يتمتعون بقدر أكبر من الحماية والأمن من عامة الناس بسبب العلاقة المباشرة بين الحاكم ويهودي البلاط الذي يوفر لهم هذه الحماية.
وقد لعب يهود البلاط دور الوسيط (الفعلي والفكري) بين حضارة الأغيار واليهود، وبذلك مهدوا لظهور حركة التنوير بين اليهود. كما أنهم كانوا دليلاً حياً على أن في وسع اليهودي أن يحقق النجاح خارج الجيتو. وقد أصبحت وظيفة يهود البلاط وراثية وتحولوا إلى أسر مالية أرستقراطية تتصارع فيما بينها على النفوذ والسلطة وأصبحوا طائفة مغلقة يتزاوج أفرادها فيما بينهم ويستبعدون اليهود العاديين. ويمكن القول بأن صورة يهودي البلاط كعبقري ساحر، وكصاحب نفوذ يُقرض الملوك والأمراء، قد تجذرت في الوجدان اليهودي في الغرب.