للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما كونه يقسم الباقي على باقي الغرماء؛ فلتساوي حقوقهم في تعلقها بذمة المفلس.

وأما كون القسمة على قدر ديونهم؛ فلأن فيه تسوية بينهم ومراعاة لكمية حقوقهم.

وأما كون من له دين مؤجل لا يحلّ بالفلس على المذهب؛ فلأن التأخير حق للمفلس فلا يبطل بإفلاسه كسائر حقوقه.

ولأنه لا يوجب حلول ما له فلا يوجب حلول ما عليه؛ كالجنون والإغماء.

ولأنه دين مؤجل على حي فلا يحل بالفلس كغيره.

وأما كونه يحل على روايةٍ؛ فلأن الإفلاس يتعلق به الدين بالمال فأسقط الأجل كالموت.

والأول أصح لما ذكر. والقياس على الموت مردود بالمنع. ثم بتقدير تسليمه الفرق بينهما أن ذمة الميت خربت وبطلت بخلاف المفلس.

وقال المصنف في المغني: قال القاضي: لا يحل الدين بالفلس رواية واحدة.

قال: (ومن مات وعليه دين مؤجل لم يحلّ إذا وثق الورثة. وعنه: يحلّ).

أما كون من مات وعليه دين مؤجل لا يحل إذا وثق الورثة على المذهب فلما ذكر في الفلس.

وأما كونه يحل على روايةٍ؛ فلأنه لا يخلو: إما أن يبقى في ذمة الميت، أو الورثة، أو متعلقاً بالمال. والأول لا يجوز لخراب الذمة بالموت، وكذا الثاني لأن صاحب الدين لم يرض بذمة الورثة لا سيما إذا كانت مختلفة متباينة، وكذا الثالث لأن في تعليق الدين بالمال مع كونه مؤجلاً ضرراً بالميت وصاحب الدين والورثة: أما ضرر الميت فلبقاء ذمته مرتهَنة قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الميتُ مُرتهَنٌ بدينهِ حتى يُقضَى عنه» (١).

وأما ضرر صاحب الدين؛ فلأنه يتأخر دينه وقد تتلف العين فتسقط بالكلية.


(١) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى ٦: ٧٣ كتاب الضمان، باب وجوب الحق بالضمان. ولفظه: « ... إنه ليس من ميت يموت وعليه دين إلا وهو مرتهن بدينه ... ».

<<  <  ج: ص:  >  >>