للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن قيل: لم يرده وأصحاب الحق قد رضوا به، وهلا كان ذلك مثل الراهن والمرتهن إذا اتفقا على غير ثقة؟

قيل: لأن للحاكم هنا نظراً واجتهاداً فإنه قد يظهر غريم آخر فيتعلق حقه به بخلاف الرهن فإنه لا نظر للحاكم فيه.

فإن اختار المفلس والغرماء آخر قدم المتطوع منهما؛ لأنه أوفر، وإن كانا متطوعان ضم أحدهما إلى الآخر وإلا قدم أوثقهما وأعرفهما.

قال: (ويُبدأ بالمجني عليه فيدفع إليه الأقل من الأرش أو ثمن الجاني. ثم بمن له رهن فيخص بثمنه. فإن فضل له فضل ضرب به مع الغرماء. وإن فضل منه فضل رد على المال (١). ثم بمن له عينُ مالٍ يأخذها. ثم يقسم الباقي بين باقي الغرماء على قدر ديونهم. فإن كان فيهم من له دين مؤجل لم يحلّ. وعنه: أنه يحلّ فيشاركهم).

أما كون الحاكم يبدأ بالمجني عليه؛ فلأنه حقه متعلق بالعين يفوت بفواتها. بخلاف بقية الغرماء.

وأما كونه يدفع الأقل مما ذكر إليه؛ فلأن الأقل إن كان الأرش فهو لا يَستحق إلا أرش الجناية، وإن كان ثمن الجاني فهو لا يستحق غيره؛ لأن حقه متعلق بعينه.

فعلى هذا إذا فضل شيء من ثمن الجاني عن أرش الجناية قسم على بقية الغرماء.

وأما كونه يبدأ بعد ذلك بمن له رهن فيقدمه على بقية الغرماء ويخصصه بثمن الرهن؛ فلأن المرتهن لم يرض بمجرد الذمة بخلاف بقية الغرماء.

فعلى هذا إن فضل للمرتهن فضل ضرب بما بقي له مع الغرماء لأنه ساواهم في ذلك، وإن فضل من الرهن فضل رد على المال؛ لأنه انفك من الرهن بالوفاء فصار كسائر أموال المفلس.

وأما كونه يبدأ بعد ذلك بمن له عين مال يأخذها؛ فلما تقدم من قوله عليه السلام: «منْ أدركَ متاعَهُ بعينهِ عندَ إنسانٍ قدْ أفلسَ فهوَ أحقُّ به» (٢).


(١) في هـ: رد على الجاني.
(٢) سبق تخريجه ص: خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة ..

<<  <  ج: ص:  >  >>