للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإنما اشترطت الشروط الخمسة المتقدم ذكرها لأن النهي إنما كان لأجل التوسعة على أهل الحضر فيجب لحظ الشروط المذكورة لأن التوسعة لا تمتنع إلا معها: أما حضوره لبيع سلعته؛ فلأنه إذا حضر ليخزنها فقصده الحاضر وأحضه (١) على بيعها كان ذلك توسعة لا منعاً للتوسعة.

وأما بيعها بسعر يومها؛ فلأنه إذا قصد بيعها بسعر معلوم لا بسعر اليوم كان المنع من البيع من جهته لا من جهة الحاضر.

وأما جهله بالسعر؛ فلأنه إذا عرفه لم يزده الحاضر على ما عنده شيئاً.

وأما قصد الحاضر له؛ فلأنه إذا طلبه البادي لم يكن للحاضر أثر في عدم التوسعة.

وأما حاجة المسلمين؛ فلأنهم إذا لم يكونوا محتاجين لم يوجد المعنى الذي نهى الشرع لأجله.

وأما كون البيع يصح إذا اختل شرط من الشروط الخمسة؛ فلأن الموقوف على شرط يزول عند زواله.

وأما كونه يصح شراؤه له رواية واحدة؛ فلأن النهي المذكور قبل لا يتناول الشراء بلفظه ولا هو في معناه لأن النهي عن البيع للرفق بأهل الحضر ليتسع عليهم الرزق ويزول عنهم الضرر وليس ذلك (٢) موجوداً في الشراء لهم إذ لا يتضررون بعدم الغبن للبادي (٣) بل هو دفع للضرر عنه والخلق في نظر الشارع على السواء فكما شرع ما يدفع الضرر عن أهل الحضر. فكذلك يشرع ما يدفع الضرر عن البادي، وإذا لم يكن مشروعاً فلا أقل من أن يكون جائزاً.

قال: (ومن باع سلعة نسيئة لم يجز أن يشتريها بأقل مما باعها نقداً إلا أن يكون قد تغيرت صفتها. وإن اشتراه أبوه أو ابنه جاز).

أما كون شراء ما باعه بما ذكر مع عدم التغير لا يجوز فـ «لأن أم ولد زيد بن أرقم قالت لعائشة: إني بعت غلاماً من زيد بن أرقم بثمانمائة درهم إلى العطاء. ثم اشتريته منه بستمائة درهم. فقالت لها: بئس ما شريت وبئس ما اشتريت. أبلغي زيد بن أرقم


(١) في و: حضه.
(٢) ساقط من هـ.
(٣) في هـ: بعدم البادي.

<<  <  ج: ص:  >  >>