تبلورت في حل وسط وهو المقارنة بين فقه المسائل وفقه السنة وإبراز الخلاف بين المذاهب وعلى ذلك جرى ابن رشد الجد في المقدمات الممهدات لبيان ما اقتضته رسوم المدونة وكذلك في "البيان والتحصيل" وابن رشد "الحفيد في بداية المجتهد" وابن القاسم القاهري تلميذ الإمام مالك بلقب بمالك الأصغر سجل فيها في شكل سؤال وجواب ستة وثلاثين ألف مسألة من القضايا التي أجاب عنها مالك وقد رواها أسد بن الفرات النيسابوري ونقلها إلى القيروان حيث كان قاضيًا ولكنه في حصار سرقوسة بصقلية عام (٢١٣ هـ / ٨٣٢ م) عندما أمره الأغالبة على غزاة الجزيرة وقد تلقى روايته للمدونة سحنون بن عبد السلام بن سعيد التنوخي (٢٤٠ هـ/ ٨٥٠ م) صحح روايتها مباشرة عن ابن القاسم ومن أفريقيا الشمالية دخلت المدونة إلى الأندلس وفي الأندلس توجه مفتي قرطبة عبد الملك بن حبيب (٢٣٨ هـ / ٨٥٧ م) إلى القاهرة حيث تلقى تعاليم ابن القاسم وأتباعه وصنف كتاب الواضحة "كشرح للمدونة ثم ألف تلميذه العتبي العتبية التي قامت بالأندلس مقام الواضحة (مقدمة ابن خلدون ص ٤٣٦) وقد جمع ابن أبي زيد القيرواني ما انتشر من المدونة في كتاب النوادر وهذا هو ما يسمى بالمشهور من مذهب مالك.
ومهما يكن فقد وصلت المدونة إلى المغرب الأقصى عن طريق دراس بن اسماعيل الفاسي "هي أصل المذهب المرجح ورايتها على غيرها عند المغاربة واياها اختصر مختصروهم وشرح شارحوهم وبها مناظرتهم ومذاكرتهم" (المدارك ج ٢ ص ٤٢٧).
سمع ابن العجوز عبد الرحيم بن أحمد الكتامي (٤١٣ هـ / ١٠٢٢ م) مختصر المدونة عن ابن أبي زيد القيرواني (المدارك ج ٤ ص ٧٢٠/ الديباج ج ١ ص ١٣٩).
وقد ذكر عياض أن مختصر المدونة ونوادره وكلاهما لابن أبي زيد القيرواني عليهما المعول بالمغرب في التفقه (المدارك ج ٤ ص ٤٩٤ (توجد نسخة من النوادر بخزانة جامعة القرويين).