للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَن تتَبَّعَ عورةَ أخيه المسلمِ تتبَّعَ اللَّهُ عورتَه، ومَن تتبَّعَ اللَّهُ عورتَه فضحَه ولو في جَوْفِ بيته" (١).

وقال الإمام القُشَيريُّ: العارفُ لا يتفرَّغُ مِن شُهود الحقِّ إلى شُهود الخَلْق، فكيف يتفرَّغُ إلى التَّجَسُّسِ؟! ومَن اشتغلَ بالحقِّ لا يتفرَّغُ إلى نفسه، ومَن اشتغلَ بنفْسِه (٢) لا يتفرَّغُ إلى الخَلْق.

وقال: غَيْبَةُ الخَلْقِ لا تكون إلا مِن الغَيْبَةِ عن الحَقِّ (٣).

* * *

(١٣) - {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}.

وقولُه تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى}: وهذا تأكيدُ جميعِ ما مضى في هذه السُّورة، وإعلامٌ أنَّه لا يصِلُ إلى ذلك كلِّه إلا بالتقوى، فإنَّ مَن سَخِرَ بغيره أو


(١) حديث صحيح بطرقه وشواهده، رواه الترمذي (٢٠٣٢)، وابن حبان في "صحيحه" (٥٧٦٣)، من حديث ابن عمر رضي اللَّه عنهما. قال الترمذي: حسن غريب.
ورواه الطبراني في "الكبير" (١١٤٤٤) من حديث ابن عباس رضي اللَّه عنهما. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (٨/ ٩٤): رواه الطبراني، ورجاله ثقات.
ورواه أبو يعلى في "مسنده" (١٦٧٥)، والروياني في "مسنده" (٣٠٥)، وتمام في "فوائده" (٢٤٢٩)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (١٠٦٨٢) من حديث البراء بن عازب رضي اللَّه عنه.
ورواه الإمام أحمد (١٩٨٠١)، وأبو داود (٤٨٨٠)، والدارقطني في "العلل" (٦/ ٣٠٩)، والخرائطي في "مساوئ الأخلاق" (١٩٠) من حديث أبي برزة رضي اللَّه عنه. وإسناده حسن.
ورواه الإمام أحمد في "مسنده" (٢٢٤٠٢) من حديث ثوبان رضي اللَّه عنه. وإسناده حسن.
(٢) في (أ) و (ف): "إلى نفسه".
(٣) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (٣/ ٤٤٣).