للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والثاني: أن {إِن} الخفيفة للتأكيد كالمشددة، و {لَمَّا} بمعنى (لممَّا) (١) حذفت الميم الأولى تخفيفًا؛ كما في قوله: {إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا} [الإسراء: ١٠٨] على قولِ مَن قال: {إِن} كلمة تأكيد.

وقرئ بالتخفيف (٢)، وعلى هذا {إِن} للتأكيد و {لَمَا} اللام للتأكيد أيضًا في جواب {إِن}، و (ما) صلة، وتقديره: وإنْ كلٌّ لجميعٌ لدينا محضَرون، يعني: في موقف حسابنا يوم القيامة محضَرون للعرض والجزاء.

* * *

(٣٣ - ٣٤) - {وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ (٣٣) وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ}.

وقوله تعالى: {وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا}: أي: ومن العلامات الدالَّات


(١) في (أ): "لم ما"، وفي (ر): "لما"، والمثبت من (ف)، وعليه يكون أصلها: (لَمَنْ مَا) ثم انْقلبت النون ميمًا فاجتمع ثلاث ميمات، فحذفت إحداها -وهي الوسطى- فبقيت (لَمَّا). هذا قول الفراء، ونقله الزجاج، والشرح الذي ذكرناه لفظه، لكنه تعقبه بقوله: (وهذا القول ليس بشيء؛ لأن (مَن) لا يجوز حذفها؛ لأنها اسم على حرفين).
وللفراء في المسألة قول آخر موافق لما جاء في النسخة (أ): (لم ما)، وبسطُ هذا القول: أن تُجعل (لَمَّا) بمنزلة (إلا) مع (إِنْ) خاصة، يعني أن (إن) و (لا) كلمتان أولاهما (إنْ) التي هي جحد بمنزلة (ما)، والثانية (لا) وهي أيضًا جحد، جمع بينهما فصارتا جميعًا حرفًا واحدًا، وخرجتا من حد الجحدِ إلى الاستثناء، فتكون (لمَّا) في مذهبها، كأنها (لَمْ) ضُمَّت إليها (ما) فصارتا جَميعًا استثناء وخرجتا من حد الجحد. انظر: "معاني القرآن" للفراء (٢/ ٣٧٦)، و"معاني القرآن" للزجاج (٣/ ٨١)، وانظر أيضًا "البسيط" للواحدي (١٨/ ٤٧٦)، وقد استعنا به لبسط قول الفراء وتوضيحه.
(٢) انظر: "التيسير" (ص: ١٢٩).