للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

السماءَ (١) غطاءً، والأرضَ وطاءً، والمباحاتِ رزقًا، والطاعةَ حِرفةً، والعبادةَ شُغلًا، والذِّكر مُؤْنسًا، والربَّ كافيًا.

وقال الإمامُ أبو منصورٍ رحمه اللَّه: دلَّت الآيةُ أن المقصود في خلق السماوات (٢) والأرضِ، وإنزالِ الماء، وإخراجِ الثمرات وأنواع المنافع، بنو (٣) آدم وهم الممتحَنون فيها، فإنه قال: {جَعَلَ لَكُمُ} وقال: {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} [الجاثية: ١٣] وقال تعالى: {وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ} الآية [النحل: ١٢]، {وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ} [إبراهيم: ٣٢]، وفي كثيرٍ من الآيات أضاف ذلك كلَّه إلينا، ثم جعل بلطفهِ منافعَ السماء متَّصلةً بمنافع الأرض على بعدِ ما بينهما، فلا يُخرجُ من الأرض شيئًا (٤) إلا بما يَنزل من السماء من الماء؛ ليُعلم أن مُنشئهما واحدٌ، لأنه لو كان منشئُ هذا غيرَ الآخَر لم تتَّصل منافعُ هذا بمنافع الآخر (٥) على بُعْدِ ما بينَهما، ويُوهِم خلافَ أحدهما الآخَر، فإذا كان كذلك دلَّ أن مُنشِئَهما واحدٌ لا شريك له (٦).

وقوله تعالى: {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا}: هو جمعُ نِدٍّ، وهو المِثْلُ، وكذلك النَّدِيدُ والنَّدِيدة، قال الشاعر:


(١) "فكافأهم" سقطت من (ر)، و"فجعل" سقطت من (أ)، وكلاهما سقط من (ف)، وجاء فيها: "فالسماء".
(٢) في هامش (ف): "السماء"، ومثله في "التأويلات".
(٣) في (ر) و (ف): "لبني"، والمثبت من (أ)، وهو الصواب والموافق لما في "التأويلات".
(٤) "شيئًا": من (ف). وفي "التأويلات": (فلا تُخرج الأرض شيئًا).
(٥) في (ف): "هذا".
(٦) انظر: "تأويلات أهل السنة" (١/ ٤٠٠).