للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}: عاد الكلام إلى ذكر أسباب التستُّر والتعفُّف، وتخلَّلها شرح الآيات، يقول: الْزَموا ومُرُوا عبيدكم وإماءكم.

وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ}: أي: والصبيان الذين لم يحتلِموا ولم يُنزلوا {مِنْكُمْ}؛ أي: من الأحرار.

أي: ليستأذنوكم للدخول عليكم فلا يدخلوا عليكم من غير إذنٍ منكم {ثَلَاثَ مَرَّاتٍ}؛ أي: في ثلاثة أوقات من الليل والنهار {مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ} هذا واحد {وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ}؛ أي: حين تتجرَّدون فتنزعون ثيابكم في وقت شدة الحر وهو وقت القيلولة، وهذا ثان {وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ}؛ أي: العتمة، وهذا ثالث.

ثم نبَّه على المعنى فقال تعالى: {ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ}: قرأ حمزة والكسائي وعاصم في رواية أبي بكر: {ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ} بالنصب ردًّا على {ثَلَاثَ مَرَّاتٍ}، وقرأ الباقون بالرفع على إضمار: هذه (١)، يقول: هذه أوقاتُ التجرُّد وظهور العورة؛ لأن ما قبل صلاة الفجر وقتُ انتهاء النوم في الأغلب والأكثر، ووقتُ الخروج من ثياب النوم ولبسِ ثياب النهار، ووقتَ الظهيرة وقتُ التجرد للقائلة، وبعد صلاة العشاء وقتَ ابتداء النوم والتجرُّد من ثياب النهار والتغشِّي بثياب النوم، ولأن اللَّه تعالى جعل الليل سكنًا ولباسًا.

وقوله تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ}: أي: لا إثم عليكم ولا عليهم بعد هذه الأوقات الثلاثة في الدخول عليكم بغير إذنٍ (٢).


(١) انظر: "السبعة" (ص: ٤٥٩)، و"التيسير" (ص: ١٦٣).
(٢) في (ف): "بعد الإذن" بدل: "بغير إذن".