للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ}: أي: وليُعِزَّنَّهم وليُعْليَنَّهم (١) على أعدائهم فيُظهروا دينَهم الإِسلام الذي ارتضاه لهم؛ أي: متمكِّنين في الأرض مستولينَ عليها.

قوله: {وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا}: أي: وليجعلنَّ لهم بدلَ خوفهم أمنًا، وهو الخوف من الأعداء، والأمنُ منهم بغلبتهم عليهم.

وقرأ ابن كثير وعاصم في رواية أبي بكر: {وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ} مخفَّفًا، والباقون مشدَّدًا (٢)، والإبدال والتبديل لغتان.

وقوله تعالى: {يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا}: أي: بعد أمنهم يُظهِرون دينهم.

وقوله تعالى: {وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ}: أي: بعد تحقيق هذا الوعد {فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}؛ أي: الخارجون عن الطاعة، وعن هذه الأسماء الصالحة.

وقيل: أي: الخارجون إلى أفحش (٣) الكفر.

وقيل: {وَمَنْ كَفَرَ} هو من كفران النعمة {فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} الخارجون (٤) بسبب الكفران.

ودلت الآية على صحةِ دعوى النبوَّة من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فإنه أخبر عما هو كائنٌ فكان كما قال، وعلى خلافة الخلفاء الراشدين الأربعة، فإن اللَّه تعالى وعد أن يستخلفهم في الأرض، ولم يُستخلف فيها بعدَ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من الذين كانوا مؤمنين في وقت نزول هذه الآية إلا هؤلاء الأربعةُ رضي اللَّه عنهم أجمعين.


(١) في (ف): "وليقربنهم وليغلبنهم".
(٢) انظر: "السبعة" (ص: ٤٥٩)، و"التيسير" (ص: ١٦٣).
(٣) في (ر) و (ف): "محشر".
(٤) في (ف): "خارجون"، وليست في (أ).