للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قومهم أحياءٌ، وأنهم على ما يَعهدون من حالهم وشركهم، فانطلق تمليخا وكان أشدَّهم وأقواهم في أنفسهم (١)، حتى إذا خالط ربض (٢) المدينة أنكرها وأنكر كلَّ شيء خلقه اللَّه تعالى من إنسانٍ ودابةٍ أو دارٍ أو بناء (٣)، ووجد الناسَ على حالٍ لم يكن يعهدُها، ووجدهم يتبايعون بورِقٍ لا يشبه الورِق الذي معه، فتحيَّر وأنكر، وأقبل وأدبر، وأبطأ على أصحابه حتى خافوا عليه وظنُّوا أنه قد فُطن به وقُدِر عليه.

فلما طال عليه ذلك دخل المدينة من ناحيةٍ أخرى خُفْيَةً، فوجد حال أهل المدينة على حال أهل الرَّبَض (٤) في كلِّ شيء، فلما الْتبَس عليه عَمد إلى مشيخةٍ من أهل المدينة توسَّم فيهم الخير ليتجسَّس ويستمع من قولهم، فوجد (٥) معهم الإنجيل يقرؤونه، فسمع ما فيه من توحيد اللَّه وشرائعه وحلاله وحرامه، فعرَف ذلك وأذعن له، وأَنصت يستمع حتى إذا فرغوا من قراءتهم سألهم عن كتابهم، فقالوا: هذا كتاب اللَّه الذي أَنزلَه على نبيِّه (٦) عيسى عليه السلام، قال: وأين عيسى؟ قالوا: قد رفعه اللَّه إليه، قال: وكم لبث فيكم؟ قالوا: ثلاثًا وثلاثين سنة، قال: هل رأيتموه أو أدركتُم (٧) زمانه؟ قالوا: لا، كان زمانه قبل أن نُولد، ووجدنا كتابه في أيدي آبائنا، قال: فكلُّ أهل هذه المدينة يؤمِن بهذا الكتاب وهذا (٨) النبيِّ ويعمل بما فيه؟ قالوا:


(١) في (ر) و (ف): "وكان أشدهم قوة"، "في أنفسهم" ليس في (ف).
(٢) في (ر) و (ف): "أرض".
(٣) في (أ): "من إنسان أو دابة وبناء".
(٤) في (ر) و (ف): "أهل الرفض"، بدل: "حال أهل الربض".
(٥) في (أ): "فوجدهم".
(٦) في (ر) و (ف): "الذي أنزل على".
(٧) في (ر) و (ف): "وأدركتم".
(٨) في (ف): "وبهذا".