للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يأتمرون فيه: أيُقيمون (١) مع قومهم على شركهم أو يفارقونهم فيختارون (٢) ناحية من الأرض يَخْلون فيها ويوحِّدون اللَّه ربهم فيها.

فبينما هم على ذلك ألقى اللَّه تعالى عليهم السُّبات، وأخفى اللَّه على جميع خلقه مكانهم، فليس يبصرهم (٣) أحد ولا يفطن بمكانهم، ولبثوا في كهفهم ثلاثَ مئةٍ سنين وازدادوا تسعًا، حتى انقرضت الأمَّة التي كانوا فيها والملِكُ الذي كان عليهم (٤)، وخرج من بعدهم المسيحُ عيسى بن مريم عليه السلام، فآمَن به الناس واتَّبعوا ملَّته، ورفعه اللَّه إليه، وذهب زمانُه وزمان أهل ملَّته وهم في كهفهم، وكان عيسى قبل أن يُرفع حدَّث عنهم وعن إيمانهم وزمانهم، وكيف ناموا في كهفهم، وكيف أخفى اللَّه تعالى مكانهم، ولا ينبغي لأحد أن يهتديَ إليهم، وكان يُخبر أنه ستُردُّ إليهم أرواحُهم ويُدَلُّ على كهفهم ليكونوا عبرةً لمن خلْفَهم، فردَّ اللَّه تعالى إليهم أرواحَهم بعدما رَفع عيسى بعد هذه السنين، ولزمهم كلبٌ من كلاب صيدهم فلبث سنينَهم كلَّها (٥) معهم باسطًا ذراعيه بفِناء الكهف، ولم يَطعم ذلك الكلب ولم يشرب ليكون آية.

فلما ردَّ اللَّه تعالى إليهم أرواحهم {قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ} إلى قوله: {إِذًا أَبَدًا} وهم حينئذٍ يظنون أن


(١) في (ف): "يأووا إلى فئة أيقيمون" وفي (ر): "يأووا إلى قبة يقيمون".
(٢) في (أ): "فيحتاجون". وفي (ر): "فينحازون".
(٣) في (أ): "يضرهم".
(٤) في (ر) و (ف): "كانوا عليه".
(٥) في (ر) و (ف): "فلبث فيهم كلبًا".