للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أعظمُها فذكرُه ذكرها، وإضافةُ اللَّه إليه إضافةُ (١) بيانِ خَلْقه ومُلْكه وقدرته وعلمه وعظمته وسلطانه (٢).

وقال القشيري رحمه اللَّه: لقد جاءكم رسولٌ يشاكِلُكم في البشرية لكنه يأتيكم فيما أفردناه (٣) به من الخصوصية، وأَلْبسناه لباسَ الرحمة عليكم، وأقمناه بشواهدِ العطف والشَّفقة على جملتكم، قد وكَل همَّته بشأنكم، [و] أكبر (٤) همَّته في إيمانكم.

وقوله تعالى: {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} أمرَه أن يدعوَ الخلق إلى التوحيد، ثم قال: فإن أعرضوا عن الإجابة فكنْ لنا بنعتِ التجريد.

ويقال: قال له: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ} [الأنفال: ٦٤] ثم أمره بأن يقول: {حَسْبِيَ اللَّهُ}، وقوله: {حَسْبُكَ اللَّهُ} عينُ الجمع، وقوله: {فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ} تفرقةٌ، بل هو جمع الجمع؛ أي: قل، ولكنْ بنا تقول، فنحن المتولُّون عنك، وأنت مستهلَكٌ (٥) في عين التوحيد، فأنت بنا، ومحوٌ عن غيرنا (٦).

وروَى الربيع بن أنس عن أبي العالية عن أبيِّ بن كعب: أنهم جمعوا القرآن في مصحفٍ في خلافة أبي بكر رضي اللَّه عنه، فكان رجال يكتبون يملي عليهم أبيُّ بن كعب، فلما انتهوا إلى هذه الآية: {صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ} ظنُّوا أنه آخرُ القرآن، فقال لهم أبي بن كعب: إن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قد أقرأني بعد هذه آيتين: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ} إلى آخر السورة، فهذا آخر ما أنزل من القرآن، فخُتم الأمرُ


(١) "إضافة" زيادة من (ف).
(٢) "وسلطانه" ليس من (أ).
(٣) في (ر) و (ف): "أوردناه".
(٤) في (أ): "أكثر".
(٥) في (ر): "ستهلك"، وفي (ف): "المستهلك".
(٦) انظر: "لطائف الإشارات" (٢/ ٧٦).