للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: تكبَّروا على الرسل لأنهم لم يروهم أشكالًا لأنفسهم، وكذا كلُّ مَن تكبَّر على آخَر فإنما يتكبَّر لمَّا لم يره مِثلًا لنفسه، أو لما يَرى نفسه سليمةً عن العيوب ورأى في غيره عيوبًا، أو رأى لنفسه حقوقًا عليه، وإذا كان الخلق كلُّهم أكفاء بعضُهم لبعض وفيهم العيوبُ والحاجات فلا يسعُ أحدًا التكبرُ على أحدٍ، وهو للَّهِ تعالى فإنه لا مِثلَ له وهو منزَّه عن العيوب والحاجات، فلذلك كان له الكبرياء والعظمة بالحق (١).

وقوله تعالى: {وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا}: أي: عنادًا، وكذا (٢) قالوا: {مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ} [الأعراف: ١٣٢].

وقوله تعالى: {وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيل}: أي: لأنفسهم فيسلكوه ويَدينوا (٣) به، وهو من صفة المعاندين (٤).

والرُّشْد والرَّشَد لغتان؛ كالبُخْل والبَخَل، والسُّقْم والسَّقَم، والحُزْن والحَزَن.

وقوله تعالى: {وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا}: أي: لأنفسهم يسلكونه ويَدينون به، وهو صفة المعاندين والمتكبِّرين المذكورِين في أولها.

وقوله تعالى: {ذلكَ بأنهُم كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا}: أي: ذلك الصرفُ عن قبول الحق والانقيادِ له بتكذيبهم بآياتنا.

وقوله تعالى: {وكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ}: قال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: أي: غفلةَ إعراض وعنادٍ، لا غفلةَ جهلٍ وسهو (٥).


(١) انظر: "تأويلات أهل السنة" (٥/ ٣٩).
(٢) في (ف): "وكذب".
(٣) في (ف): "لأنفسهم فلا يسلكوه ولا يدينوا".
(٤) "وهو من صفة المعاندين": ليست في (أ) و (ف).
(٥) انظر: "تأويلات أهل السنة" (٥/ ٣٩).