للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقيل: بل هو لطفٌ به، حيث لم يصرِّح بردِّه، بل علَّله عونًا (١) له على صبره، وقد قيل (٢):

فذريني أصبر (٣) قليلًا قليلًا

ولمَّا مُنع النظرَ رجع إلى رأسِ الأمر فقال: {تُبْتُ إِلَيْكَ} (٤) يعني: إن لم تكن الرؤية التي هي غايةُ الرتبة فلا أقلَّ من رأس الأمر وهو التوبة.

ثم هذا منه إناخةٌ بعَقْوَة (٥) العبودية، وشرطُها: ألا تَبرح عن محلِّ الخدمة إنْ حيلَ بينك وبين وجودِ القُربة، لأن القُربة حظُّ نفسك والخدمةَ حقُّ ربك، ولَأَنْ تكونَ بحقِّ ربِّك أتمُّ من أن تكون بحظِّ نفسك (٦).

* * *

(١٤٤) - {قَالَ يَامُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ}.

وقوله تعالى: {قَالَ يَامُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ}: لمَّا قال: {تُبْتُ إِلَيْكَ} قال اللَّه تعالى له (٧): يا موسى، إني استخلصتُك على أهل عصرك.

وقوله تعالى: {بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي}: يعني: بأنْ أرسلتُك بما أوحيتُ إليك من


(١) في (أ): "عزمًا".
(٢) بعدها في (ر): "في معناه".
(٣) كذا في النسخ، والذي في "اللطائف": (فذريني أفنى).
(٤) بعدها في (ر): "بقولي".
(٥) العقوة: شجر، وما حول الدار والمحلة. انظر: "القاموس" (مادة: عقى).
(٦) انظر: "لطائف الإشارات" (١/ ٥٦٤ - ٥٦٧).
(٧) "له": ليست في (أ) و (ف).