للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {الْمُسْتَقِيمَ}: أي: المستوي، يقال: أقامه فاستقام، كما يقال: أوسَعَه فاستَوْسَع، وأَرْخاه فاستَرْخَى، واللازمُ يجيءُ من ثلاثةِ أبوابٍ: من الانْفِعال كالانْقِطاع، ومن الافْتِعال كالاخْتِلاط، ومن الاستِفْعال كالاستِرْسال.

ثم وصفُ الطريقِ به له معنيان:

أحدهما: أنه مستوٍ بنفسه غيرُ مُعْوَجٍّ.

والثاني: أن سالكه مستقيمٌ فيه، كقوله تعالى: {وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا} أي: يُبصَرُ فيه، وكقولك: نهرٌ جارٍ؛ أي: الماءُ جارٍ فيه، ونظيرُه في القرآن: {فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ} [محمد: ٢١]؛ أي: عَزَمو ا فيه، وقولُه: {فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ} [البقرة: ١٦]؛ أي: ما ربحوا فيها، وقولُه تعالى: {قَالُوا تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ} [النازعات: ١٢].

وقال بعضُ أهل التفسير: هو المستوي الذي لا يميلُ بسالكه إلى خطأ.

وقال بعضُهم: هو الذي يُفضي بسالكه إلى الجنة.

وقال الإمامُ أبو منصورٍ رحمه اللَّه: هو القائمُ؛ أي: الثابتُ بالبراهين، الذي لا يزيلُه شيءٌ، ولا يَنقُض حُججَه كيدٌ (١).

وقال الإمامُ القشيريُّ رحمه اللَّه: هو ما عليه من الكتاب والسنَّة دليل، وليس للبدعةِ إليه سبيل.

وقال أيضًا: هو ما دَرَجَ عليه سَلَفُ الأمَّة، ونطَق بصوابه دلائلُ العِبرة.

وقال أيضًا: هو ما شَهد بصحَّته دلائلُ التوحيد، ونبَّه عليه شواهدُ التَّحقيق (٢).


(١) انظر: "تأويلات أهل السنة" (١/ ٣٦٧). وفي (ر): "حجته".
(٢) انظر: "لطائف الإشارات" (١/ ٥٠).