للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والرابع: قولُ بعضهم: معناه: وفِّقْنا، قال اللَّه تعالى: {وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [البقرة: ٢٥٨]؛ أي: لا يوفِّقُهم، وقال: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} [العنكبوت: ٦٩]؛ أي: لنوفِّقَنَّهم لسلوكِ سبُلنا، وقال الشاعر:

فلا تَعْجَلنِّي هَدَاكَ المَلِيكُ... فإنَّ لكلِّ مَقامٍ مَقالًا (١)

والخامس: قولُ بعضهم: معناه: قدِّمْنا إلى (٢) طريق الجنة؛ قال تعالى: {فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ} [الصافات: ٢٣]؛ أي: قدِّموهم، وهو من قولهم: أقبلَتْ هَوَادي الخيل؛ أي: متقدِّماتُها (٣)، وهوادي الجبال: وجوهُها وأعناقُها، وهادِيَةُ الإجْلِ (٤): العَنْزُ المتقدِّمةُ عليها.

وأصل الكلمة: الإمالةُ، وأغلبُ استعمالها في الإرشادِ والدِّلالة، يقال: هداه كذا، ولكذا، وإلى كذا، وثلاثتُها في القرآن: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة: ٦] {يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ} [النور: ٣٥] {وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [البقرة: ٢١٣].

والدلالةُ إمالةٌ، وهِدَاءُ (٥) العروس إلى زوجها -وهو زفافُها- كذلك، وإهداءُ


(١) انظر: "مجاز القرآن" (٢/ ٣)، و"المقتضب" (٣/ ٢٢٤)، و"تفسير الطبري" (١/ ١٦٦)، و"الزاهر" لابن الأنباري (١/ ١٠٤)، و"الانتصار للقرآن" للباقلاني (٢/ ٦٣٨)، و"تفسير الثعلبي" (٦/ ٢٠٧)، ولفظهم عدا الطبري: (تحنن علي هداك. . .)، وعزاه أبو عبيدة وجماعة للحطيئة.
(٢) في (ف) و (أ): "في".
(٣) في (ف): "مقدماتها".
(٤) في هامش (أ): "الإجل هو قطيع البقر والظباء".
(٥) في (أ): "وإهداء". وكلاهما صواب، قال الزجاج في "معاني القرآن" (٢/ ٣٣٩): وأهديت العروس إلى زوجها وهديْتُها. والأخفش فصَّل فقال في "معاني القرآن" (١/ ٣٢٥): وبنو تميم يقولون: هَدَيْت العروسَ إِلى زَوْجِها، جعلوه في معنى: دَلَلْتُها، وقيس تقول: أَهْدَيْتُها، جعلوها بمنزلة الهدية.