للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

التوحيد (١) من نفسه، و {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} طلبُ العونِ من ربه، وقوله: {اهْدِنَاَ} سؤالُ الثباتِ على دِينه، وهو تحقيقُ عبادته واستعانتِه.

وفي تفسير الكلمة أقاويلُ:

أحدها -وهو المجمَع على صحته-: قول عليٍّ وأبيٍّ رضي اللَّه عنهما: {اهْدِنَا}؛ أي: ثبِّتْنا على هذا الصراط المستقيم (٢)، وهذا كما يقالُ للرجل: كُلْ، وهو يأكل، و: اقرأْ، وهو يقرأ؛ أي: دُمْ على ذلك واثْبُتْ عليه، وهو نظيرُ قول إبراهيمَ وإسماعيل عليهما الصلاة والسلام: {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ} [البقرة: ١٢٨] وهو (٣) دعاءُ استدامةٍ واستثباتٍ، وبذلك خاطَب اللَّهُ جلَّ جلالُه المؤمنين فقال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} [النساء: ١٣٦].

والثاني: قول مقاتل والسدِّي: {اهْدِنَا}؛ أي: أَرْشِدْنا، وهو طلبُ إعطاءِ الرُّشدِ (٤) في كلِّ ساعةٍ إلى الطريق المستقيم كيلا يَزيغَ عنه لحظةً؛ فعلًا ولا قولًا ولا نيةً، وكذا قال ابن عباسٍ رضي اللَّه عنهما: معناه: أرشِدْنا إلى الطاعات (٥).

والثالث: قولُ بعضِ المفسِّرين: إنه طلبُ الزيادة المذكورةِ في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى} [محمد: ١٧]، قيل (٦): وهو اليقينُ والنور؛ أي: زدنا اليقينَ الصائب والنورَ الثاقبَ حتى نزدادَ كلَّ يومٍ استبصارًا، وعلى الدِّين الحقِّ ثباتًا وقرارًا.


(١) في (ر): "للتوحيد".
(٢) انظر: "تفسير أبي الليث" (١/ ٤٣) عن علي، و"تفسير البغوي" (١/ ٥٤) عن علي وأبي.
(٣) في (أ) و (ف): "هو".
(٤) في (ف): "طلب الإعطاء للرشد".
(٥) انظر: "تفسير أبي الليث" (١/ ٤٣)، و"تأويلات أهل السنة" (١/ ٣٦٦).
(٦) "قيل" زيادة من (ف).