للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عيسى على السُّؤال، أو شكًّا في قدرةِ اللَّه تعالى على الإعطاء، ولكنَّه تلطُّف في السُّؤالِ والرَّجاء، كقولك لآخر: أتستطيعُ أنْ تَقضيَ حاجتي، أو يَستطيعُ فلانٌ أنْ يَقضي حاجَتي بشفاعتِك، ويُفهَمُ منه أنَّك تَكرهُ هذا السُّؤال، أو لا تكرهه؟ وفلانٌ يَكرهُ الإجابةَ أو لا يكرهها، وعلى هذا قوله: {مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ} [هود: ٢٠]؛ أي: يكرهونه.

وقوله: {أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ} قراءة التخفيف (١) وهي قراءة ابن كثير وأبي عمرو وسهل ويعقوب (٢) على أصل الإنزال (٣)، وقراءةُ التَّشديد -وهي قراءة الباقين- على إنزالِها مرَّةً بعد مرَّةٍ، على ما رويَ، أو على إنزالِها من سماءٍ إلى سماء.

والمائدة: الخوانُ عليها الطَّعام، ويقال معناها: المعطية، وقد ماده؛ أي: أعطاه، قال رؤبة:

نُهدي (٤) رؤوسَ المترفين الأنداد... إلى أميرِ المؤمنين الممتاد (٥)

أي: المستعطي، يُقال: امتادَ فلانٌ سيِّدَه، فمادَهُ؛ أي: استعطاهُ فأعطاه (٦).

وقيل: ماد؛ أي: تحرَّك، قال تعالى: {أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ} [النحل: ١٥]، ومعنى المائدة: المُميَّدة، فاعلةٌ بمعنى مفعولة (٧)؛. . . . . . .


(١) في (ف): "بالتخفيف" بدل من "قراءة التخفيف".
(٢) "وسهل ويعقوب": زيادة من (ف).
(٣) انظر قراءة ابن كثير وأبي عمرو في "السبعة" (ص: ١٦٤ - ١٦٥)، و"التيسير" (ص: ٧٥)، وهي عنهما وعن يعقوب في "النشر" (٢/ ٢١٨).
(٤) في (ر) و (ف): "تهدي"، ولم ينقط حرف المضارعة في (أ)، والمثبت من المصادر.
(٥) انظر: "ديوان رؤبة" (ص: ٤٠)، و"معاني القرآن" للأخفش (١/ ٢٩٢). وفي الديوان: "الصُّدَّاد" بدل: "الأنداد".
(٦) في (ف): "ما أعطاه".
(٧) في (ر): "مفعلة".