للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال عبيدُ بن عمير: كان قولُه: {يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ} إلى آخره في الدُّنيا، ولمَّا خاطبَه بهذهِ النِّعم، لبسَ مِن الشَّعر، وأكلَ مِن الشَّجر، وباتَ حيثُ أمسى، ولم يَرفع غداءً لعشاء، ولا عشاءً لغداء، وكان يقولُ: مع كلِّ يومٍ رزقُه (١).

* * *

(١١٢ - ١١٣) - {إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١١٢) قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِين}.

وقوله تعالى: {إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ} قرأ الكسائيُّ والأعشى في اختياره (٢): {يَسْتَطِيعُ} بتاء المخاطبة لعيسى (٣)، ومعناه: هلْ تَقدِرُ أنْ تسألَ ربَّك، على الإضمار. وقيل: هل تَستدعي إجابةَ ربِّك، والسينُ للسُّؤال، وسؤالُ الطَّوعِ هو سؤالُ الإجابة، فإنَّ قولك: سألتُه كذا فطاعَ لي؛ أي: أجابَني وفعلَه طائعًا غيرَ كارهٍ.

وقرأ الباقون: {هَلْ يَسْتَطِيعُ} (٤) بياء المغايبة، و {رَبُّكَ} بالرَّفع؛ أي: هل يُجيبُ ربُّك، وقد طاع (٥) له طبعُه؛ أي: أجابَهُ، ولم يَكُن هذا شكًّا مِنهم في (٦) قدرةِ


(١) رواه ابنُ أبي شيبة في "المصنف" (٣١٨٧٧) بنحوه.
(٢) "والأعشى في اختياره": زيادة من (ف)، وهي قراءة الأعشى في اختيار أبي بكر كما في "جامع البيان" للداني (ص: ٤٨٧).
(٣) قراءة الكسائي في "السبعة" (ص: ٢٤٩)، و"التيسير" (ص: ١٠١).
(٤) بعدها في (ف): "ربك".
(٥) في (ف): "أطاع".
(٦) في (أ): "على".