للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال أنس رضي اللَّه عنه: كنت مع جماعةٍ؛ منهم أبو عبيدة بنُ الجرَّاح، وأبيُّ بنُ كعب، وسهيلُ بن بيضاء (١)، وأبو دجانة، وغيرهم، في دار أبي طلحةَ الأنصاريِّ رضي اللَّه عنهم، وكنت أنا ساقيهم، وهم يَشربون الخمرَ، فمرَّ علينا رجلٌ، فقال: إنَّ الخمر قد حُرِّمت، فواللَّه ما توقَّفوا (٢) حتَّى قالوا: أهْرِق ما في إنائكَ يا أنس، فأهرقتُه، ثمَّ ما عادوا فيها حتَّى لقوا اللَّه عزَّ وجلَّ (٣).

ولمَّا نَزلت الآيةُ، وفي آخرها: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ}، قالوا: قد انتهينا، فقال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عند ذلك: "أيُّها النَّاسُ، إنَّ اللَّهَ قد حرَّمَ الخمرَ، فمَن كان عنده منها شيءٌ فلا يَبعْها ولا يَشربْها" (٤).

وقال أنس رضي اللَّه عنه: فأراقوها حتى كانت أنهار المدينة تجري بالخمر (٥).

وقال أنس رضي اللَّه عنه: قَدِمَت لحمزة روايا خمرٍ مِن الشَّام، فقيل له: أشعرتَ أنَّ اللَّهَ تعالى أنزلَ تحريمَ الخمرِ، قال: سمعًا وطاعةً، فقال النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لأصحابه: "قوموا"، فقام أبو بكرٍ وعمرُ وعثمانُ رضي اللَّه عنهم، فدخلوا على حمزةَ، ومع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عَنَزَةٌ (٦)، فقال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يا حمزةُ، أين الرَّوايا؟ " قال: هذه يا رسولَ اللَّه، قال: "خلِّني حتَّى أشقَّها"، قال حمزة: لا تَشقَّها، ودَعني أردها إلى الشَّام، فقال:


(١) في (أ) و (ر): "وسهيل البيضاء"، و (ف): "وسهل البيضاء"، والمثبت من المصادر، انظر ترجمة سهيل في "الاستيعاب" (٢/ ٦٦٧ - ٦٦٨).
(٢) في (أ): "توافقوا".
(٣) رواه أحمد في "المسند" (١٢٨٦٩)، وأصله عند البخاري (٤٦٢٠)، ومسلم (١٩٨٠).
(٤) رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (٤/ ١٢٠١) (٦٧٧٠).
(٥) رواه البخاري (٤٦٢٠)، ومسلم (١٩٨٠) بلفظ: "فجرت في سكك المدينة".
(٦) العنزة: أطول من العصا، وأقصر من الرمح، وفيه زجٌّ (يعني: حديدة) كزجِّ الرمح. "الصحاح": (عنز).