للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يا رسول اللَّه، فقال: "ضعهُ حيث وجدتَه"، فأعدتُ السُّؤال، حتَّى فَعلتُ ذلك ثلاثًا، فنزل قوله: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} [الأنفال: ١].

والثانية: كنت مريضًا، فعادَني رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقلت: يا رسولَ اللَّه، أأوصي بجميع مالي؟ فقال: "لا"، فقلت: أأوصي بثلُثَي مالي؟ فقال: "لا"، فقلت: أأوصي بثلُثِ مالي؟ فسكتَ، فنزلَ قولُه: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ} إلى قوله: {بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: ١٨٠]، وهو الثُّلث.

والثالثة: قالتُ أمِّي: أليسَ قد أمرَ اللَّهُ تعالى ببِرِّ الوالدين، فواللَّه لا أَطعمُ طعامًا، ولا أشربُ شرابًا حتَّى أموتَ أو تكفر، فكنَّا إذا أردنا أن نُطعِمها أو نسقيها، شَجَرنا (١) فاها بعصا، فأوجَرناها الطَّعامَ والشَّراب، فنزلت الآية قوله: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ} الآية (٢) [لقمان: ١٤].

والرابعة: صنع رجلٌ مِن الأنصارِ طعامًا، فدعانا، فأتيناهُ فأكلناهُ، وشربنا الخمرَ حتَّى سَكِرنا، وأخذنا في الحديثِ، وتفاخرنا بالأحساب، فقالت الأنصارُ: نحن أفضلُ منكم، وقالت قريشٌ: نحن أفضلُ منكم، فأخذ رجلٌ مِن الأنصار بلَحْيِ جزورٍ، فضربَ أنفي ففَزَرَهُ، فأنزلَ اللَّهُ تعالى هذه الآية (٣).

وقد ذكرنا ترتيبَ نزولِ آياتِ الخمرِ في سورة البقرة (٤).


(١) في النسخ: "شجونا"، والمثبت هو الصوب، شجروا فاها؛ أي: أدخلوا في شَجْره عودًا حتى يفتحوه به. انظر: "النهاية" لابن الأثير (مادة: شجر).
(٢) في (ر) و (ف): {حسنًا} إلى قوله: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا} بدل قوله: "وهنا على وهن الآية".
(٣) رواه أحمد في "مسنده" (١٥٦٧)، ومسلم في "صحيحه" (٤/ ١٨٧٧ - ١٨٧٨) (١٧٤٨): (٤٣).
(٤) عند تفسير الآية (٢١٩) منها.