للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

شموسَ القلبِ قد كسفت (١)، أو كأنَّ الليلَ دامَ، وكأنَّ الصبحَ فُقِدَ، {وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ} حتى كأنَّ الفَتْرة لم تكن، وعهدَ الوصال رجع فتيًا، وعُودَ القُرْب صار غضًّا طريًّا {وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ} حتى كأنَّ شجر البرم (٢) أَورقَ شوكًا وأثمر شوكًا (٣) {وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} حتى لا كدَّ ولا جهدَ، ولا عرقَ جبين، ولا تعبَ يمين، ليله رَوحٌ وراحةٌ، ونهاره طربٌ وبهجةٌ، وساعاته كراماتٌ، ولحظاته قُرباتٌ، ومحاسن أفعاله لا يحصرها لسانٌ، ولا يأتي على استقصاء كُنْهها بيانٌ (٤).

* * *

(٢٨) - {لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ}.

وقوله تعالى: {لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ}: قيل: نزولُ هذه الآية (٥) في حقِّ حاطب بنِ أبي بَلْتَعة؛ إذ كتب إلى أهل مكَّة: إنَّ محمدًا قد قصدكم فخذوا حِذْرَكم، ودفع الكتابَ إلى سارةَ القَوَّالةِ، فأَخبر جبريلُ عليه السلام النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بذلك (٦)، فبعث عليًّا رضي اللَّه عنه وأَمَره أنْ يَقتلها إنِ امتَنعت عن دفعِ الكتابِ إليه، فأَدركها فأَنكرت، فهدَّدها فأَظهرته مِن شعرها، فأخذه عليٌّ رضي اللَّه عنه وجاء به إلى النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقُرِئ الكتابُ وحاطبٌ حاضرٌ، فقام عمرُ رضي اللَّه عنه وسلَّ سيفَه، وقال: يا رسولَ اللَّه، ائْذَن لي في قتل هذا المنافق؟ فقال: "مَهْ يا عمرُ؛ فإنَّه بدريٌّ،


(١) في (ر): "كشفت".
(٢) في النسخ: "البر"، والمثبت من "اللطائف". والبرم: ثَمَر العلف، والعلف: ضرب من شجر العضاه. انظر: "جمهرة اللغة" (١/ ٣٢٨).
(٣) في (أ) و (ف): "شركًا".
(٤) انظر: "لطائف الإشارات" (١/ ٢٣٠ - ٢٣٢).
(٥) في (ف): "قيل نزلت"، وفي هامشها ما يوافق المثبت.
(٦) "بذلك" لم يرد في (ف)، "النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-" لم يرد في (أ).