للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال قتادة: أي: يُخرج النَّسَمةَ الحيَّةَ مِن النطفةِ الميتةِ، والنطفةَ الميتةَ مِن النَّسَمةِ الحيَّةِ (١).

وقال مقاتل: أي: الطيرَ مِن البيضة، والبيضةَ مِن الطير (٢).

وقال الكلبيُّ: أي: السُّنبلة مِن الحبَّة وهي ميتة، والحبَّة مِن السُّنبلة وهي حيَّةٌ، وكذا النَّخلة مِن النواة والنواة مِن النخلة.

وقوله تعالى: {وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ}: أي: لا نهايةَ لمقدورِك فما تعطيه العبدَ لا يَنقص ذلك مِن مقدورك شيئًا، وفيه أقاويلُ أُخَرُ كثيرةٌ (٣) ذكرناها عند قوله تعالى: {وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [البقرة: ٢١٢].

وقال الإمامُ القشيريُّ رحمه اللَّه: هذا تعليمُ الخلق (٤) كيف الثناءُ على الحقِّ؛ أي: صِفْني بما أستحقُّه مِن جلال القَدْر (٥)، فقل: يا مالكَ الملكِ، لا شريكَ لك ولا مُعِين، ولا ظهيرَ ولا قرين، ولا مُقاسمَ لك في الذَّات، ولا مُساهمَ في الملك، ولا معاضدَ (٦) لك في الإبداع (٧).

{تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ} حتى نعلم أنَّك المَلِك (٨)، فالمَلِك مِن المخلوقين مَن تذلَّل للَّه، ومنزوعُ المُلك منهم مَن تكبَّر على اللَّه، فتجمُّلُ الخَلْق في تذلُّلهم للحقِّ، وعزُّهم في محوهم فيه، وبقاؤهم في فنائهم به.


(١) انظر: "النكت والعيون" (١/ ٣٨٥)، ورواه الطبري في "تفسيره" (٥/ ٥٠٠) عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما.
(٢) انظر: "تفسير مقاتل" (١/ ٢٧٠).
(٣) "كثيرة": من (أ).
(٤) في (أ) و (ف): "الحق"، وكذا وردت في مطبوع "اللطائف".
(٥) في (ر): "كمال القدرة" والمثبت من باقي النسخ و"اللطائف".
(٦) في مطبوع "اللطائف": "ولا معارض".
(٧) في (ر) و (ف): "في الأفعال والإبداع".
(٨) في "اللطائف": "أن الملك لك".