للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يشاء ويَنزعه ممَّن يشاء، كما قال تعالى: {تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ} (١).

وقيل في سبب نزوله: أنَّ وفدَ نجران لمَّا جاؤوا (٢) إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وعلموا صدقَه، وامتنعوا عن الإسلام بالعلَّة التي ذكرها أبو حارثة بنُ علقمة: مَنَعني مِن (٣) اتِّباعه ما صنعَ بنا ملوكُ النصارى؛ شرَّفونا وموَّلونا وأكرمونا. وحاجُّوا رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فنزلت الآيةُ تنبئهم أنَّه لا اعتبارَ بتشريف ملوك الدنيا، والملكُ للَّه، والشريف مَن تشرَّف (٤) بتشريف اللَّهِ تعالى (٥).

وروى الكلبيُّ عن أبي صالح عن ابنِ عباسٍ رضي اللَّه عنهم: أنَّ المنافقين واليهودَ لمَّا سمعوا النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "وَعَدني اللَّهُ ملكَ فارسَ والرومِ"، كَبُرَ ذلك عليهم وقالوا: هم أعزُّ حمًى وأمنعُ جانبًا (٦) مِن أنْ تنالهم أيدي رعاةِ البُهْم، فنزلت هذه الآية (٧): {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ} وهو ملكُ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابِه {وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ} كما نزعتَ مِن أبي جهل وصناديدِ قريش، {وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ} أعزَّ اللَّهُ بمحمَّدٍ مَن اتَّبعه {وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ} أذلَّ أهلَ فارس والروم، ولا تقوم الساعةُ حتى يفتحها أهل الإسلام (٨) وينزع اللَّه منهم ملكَهم (٩).

وقوله تعالى: {بِيَدِكَ الْخَيْرُ}: النصرُ والغنيمةُ {إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}: مِن الإعزاز


(١) "كما قال تعالى {تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ} ": من (ف).
(٢) في (أ): "جاء".
(٣) في (أ): "عن".
(٤) في (أ): "شرف".
(٥) الخبر أورده ابن المنذر في "تفسيره" (١/ ١٠٨)، ورواه البيهقي في "دلائل النبوة" (٥/ ١٨٧ - ١٨٨).
(٦) في (ف): "جأشًا".
(٧) "الآية" ليست في (ف)، و"هذه" ليست في (ر) و (ف).
(٨) في (ر): "المسلمون".
(٩) في (أ) و (ف): "اللَّه منهم ملكهم"، بدل: "منهم ملكهم".