للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ومعناه: أنَّ الشيطانَ هو الذي يمنعكم عن الإنفاق، أو يأمركم بإعطاء الخبيث؛ لِمَا (١) يخوِّفكم به مِن الفقر بسبب الإنفاقِ وإخراجِ الطيِّب.

وقوله تعالى: {وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ}: أي: بالفِعلةِ القبيحة وهي البُخل، والفاحشُ اسمُ البخيلِ لغةً؛ لِفُحْشِ (٢) فِعلِهِ.

قال الكلبيُّ ومقاتل: كلُّ فحشاءَ في القرآن فهي زنًى، إلَّا هذه فإنَّها منعُ الزكاة (٣).

وقوله تعالى: {يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا}: أي: يبشِّركم بمغفرةِ الذنوب على (٤) الصَّدقات والنفقات، ويبشِّركم بالتفضُّل عليكم؛ بإعطاء الخَلَف في الدنيا والثوابِ في العقبى.

وقوله تعالى: {وَاللَّهُ وَاسِعٌ}: أي: غنيٌّ كثيرُ الفضل قادرٌ على إعطاء الخَلَف والثواب {عَلِيمٌ} بأفعالكم ونيَّاتكم.

وقال الإمام القشيريُّ رحمه اللَّه: الشيطانُ يعدُكم الفقر لفقره، واللَّه يعدُكم (٥) المغفرة لكرمه، الشيطانُ يُشير عليك بإحراز المعلوم وبطاعة الحرص، ولا فقرَ فوقه، ويعدك الفقرَ بردِّك إلى اختيارك وتدبيرك، وبتعليق قلبك بغيره، والاتِّكال على مَن سواه، أو بنسيان ما عوَّدك في سائر عمرك مِن كفايته ورعايته، {وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ} أي: بالرغبة في الدنيا والحرصِ عليها، والإيثارِ لجمعها ومنعها عن


(١) في (ر): "الحشف بما"، وفي (أ): "الخبيث بما".
(٢) في (ر): "لأن الفحش"، وفي (ف): "الفحش".
(٣) انظر: "تفسير الثعلبي" (٢/ ٢٧٠) عن مقاتل بن حيان.
(٤) في (ر) و (ف): "في".
(٥) في (أ) و (ف): "يعد" في الموضعين.