للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

كانوا إذا كان وقتُ جُذاذ النخل وإزهاءِ البُسر يعلِّقونه على حبلٍ بين أسطوانتَيْن في المسجد، فتأكل منه فقراءُ المهاجرين، فكان يعمدُ بعضهم فيُدخل القنوَ الحشفَ فيُعلِّق، فنزلت فيمَن فعل ذلك: {وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} (١) ولو أُهدي لكم ما قَبلتموه {إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ}؛ أي: على استحياءٍ مِن صاحبه.

والأشهر الأظهر أنَّه في الواجب.

قال مجاهد: كانوا يتصدَّقون بحشفٍ، فنُهوا عن ذلك، قال: {إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ} أي: لا تأخذونه مِن غرمائكم ولا في بيوعكم إلَّا بزيادة على الكيل (٢).

وقال قتادة: {وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ} يعني: بآخذي هذا الرديءِ بسعرِ الطَّيِّب {إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ}، يقول: إلَّا أنْ ينقصَ لكم (٣).

* * *

(٢٦٨) - {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}.

وقوله تعالى: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ} أي: يخوِّفكم، وعلى الإطلاق يُقال: وَعَدهُ، في الخير، وأوعدهُ في الشَّرِّ، لكن يجوز ذِكْر الوعد في الشَّرِّ إذا قيَّده بما به فُعِل ذلك، كالبِشارة مُطلقُها للخبر السَّارِّ، ثم يقال: بشِّره بالنار، ونحو ذلك على التقييد.


(١) رواه الترمذي (٢٩٨٧)، وابن ماجه (١٨٢٢)، والطبري (٤/ ٦٩٩)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص: ٨٨).
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (٤/ ٧٠١).
(٣) رواه الطبري في "تفسيره" (٤/ ٧٠١ - ٧٠٢).