للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قلنا: يعني: عندكم كذلك، وهو (١) كقوله: {قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ} [الجمعة: ١١]؛ أي: عندكم ذاك خيرٌ، لكن اعلموا أنَّ هذا خيرٌ لكم في الدنيا والآخرة ممَّا تَعدُّونه أنتم خيرًا.

وقيل: {قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ} لا يرجعان إلى ما هو معاملةُ الفقير، بل يقول: إنْ لم يَتيسَّر (٢) عليكم الإنفاق على الفقير فاعملوا عملًا آخَرَ هو أخفُّ عليكم، وهو {قَوْلٌ مَعْرُوفٌ} أي: كلامٌ جميلٌ مع الناس، وأمرٌ بمعروفٍ؛ أي: صدقةٍ (٣) {وَمَغْفِرَةٌ}؛ أي: عفوٌ عن الجانينَ عليكم.

وقيل: سؤالُ مغفرةِ العصاة (٤) بالاستغفارِ لهم (٥) مِن اللَّه تعالى، ذاك خيرٌ مِن التصدُّق الذي بعده الأذى.

وقال الإمام القشيريُّ رحمه اللَّه: أي: إقرارٌ منك مع اللَّه بعجزك وجُرمك، وغفرانُ اللَّه تعالى لك على ذلك، خيرٌ لك مِن صدقةٍ بالمَنِّ مشوبةٍ، وبالأذى مصحوبةٍ (٦).

وقوله تعالى: {وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ}: أي: مستغنٍ عن صدقاتِكم؛ ما أَمَركم بها لحاجته بل لمنافعكم، حليم لم يُعاجِلكم بالعقوبة على التصدُّق ثم الإتباعِ بالمنِّ والأذى.


(١) في (أ): "وهذا".
(٢) في (ر): "ييسر".
(٣) "أي: صدقة" سقط من (أ) و (ف).
(٤) في (ف): "للعصاة".
(٥) "لهم": من (ر).
(٦) انظر: "لطائف الإشارات" (١/ ٢٠٤).