للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ} أي: في تقليب الرِّياحِ شمالًا وجنوبًا، ودَبورًا وصبًا، ورحمةً وعذابًا، وحارَّةً وباردةً.

وقال وكيعُ بنُ الجرَّاح: لولا الرِّيحُ والذباب لأنتنت الدُّنيا (١).

وقال أبو بكر بنُ عيَّاش: لا يَخرجُ من السَّحاب قطرةُ حتى تَعمل في السَّحاب هذه الرِّياحُ الأربع؛ فالصَّبا تُهيِّجُه، والجنوبُ تُدِرُّهُ، والدَّبورُ تُلقِّحُه، والشَّمالُ تُفرِّقُه (٢).

وأصولُ الرِّياح هذه الأربع، فالشَّمال مِن ناحية الشَّام، والجنوبُ تقابلُها، والصَّبا هي القبولُ مِن المشرقِ، والدَّبورُ تقابلُها، وكلُّ ريحٍ جاءت بين مهبَّي ريحَين فهي نَكباء؛ لأنَّها نَكبت عن مهابِّ هذه الأربع.

وقال عبدُ اللَّه بنُ عمرو بنِ العاص: الرِّياح ثمان، أربعٌ رحمةٌ، وأربعٌ عذاب؛ فالرحمة: الناشرات، والمبشِّرات، واللَّواقح، والذَّاريات، والعذاب: الصَّرصرُ والعَقيم، وهما في البرِّ، والعاصِف والقاصف، وهما في البحر.

وقوله تعالى: {وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} السَّحابُ: الغيم، سُمِّيَ به لانسحابِه في الهواء؛ أي: انجراره. والمسخَّر: المذلل، وتسخيرُ السَّحاب: هو جعلُهُ مُنقادًا جاريًا على ما أجراهُ اللَّهُ تعالى عليه.

وقوله تعالى: {لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} أي: في هذه الأشياءِ علاماتٌ واضحاتٌ (٣) على ربوبيَّة اللَّه تعالى ووحدانيتِه وكمالِ قدرته للعقلاء. ونصب "آيات" بـ "إن"، واللَّامُ لامُ التَّأكيد.


(١) في (ر): "الأرض" بدل: "الدنيا".
(٢) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٥/ ٣٣٧).
(٣) في (أ): "واضحة".