للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقيل: هو تكرار القصدِ.

وقوله تعالى: {أَوِ اعْتَمَرَ} أي: زارَ البيتَ مُحرمًا بأعمالٍ مَخصوصةٍ، وأصلُه مِن عمارةِ بيت اللَّه بالعبادة.

وقوله تعالى: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا}؛ أي: لا إثم عليه، وهو من الجُنوح؛ أي: الميل، وحصو له بالميل عن الخير إلى الشرِّ. والطَّوْفُ: الدَّوْر، والتَّطوُّف تكلُّفه (١).

وعن ابن عبَّاسٍ رضي اللَّه عنهما أنَّه قال: كان في المسعى بين الصَّفا والمروة سبعون وثنًا، فقال المسلمون: يا رسول اللَّه، إنَّ هذه الأرجاسَ الأنجاس في مسعانا، ونحن نتأثَّم منها، فأنزلَ اللَّهُ تعالى (٢): {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا}؛ أي: لا إثمَ عليه أنْ يَسعى بينهما.

و {يَطَّوَّفَ} أصلُه: يتطوَّف، أُدغِمَت التَّاء في الطَّاء، كما في قوله: {يُذْكَرَ} [البقرة: ١١٤]، و {يَصَّعَّدُ} (٣) [الأنعام: ١٢٥]، و {يَصَّدَّعُونَ} [الروم: ٤٣].

قال: ففعلوا ذلك ما شاء اللَّه، حتَّى أمرَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ نبيَّه فقال: {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} [المدثر: ٥]، فأمرَ بها، فنُحِّيَت عن المسعى، وكذلك فُعِل بالأوثان التي كانت حولَ البيت.

وقال الشعبي رحمه اللَّه: كان لأهل الجاهلية صنمان؛ يُقالُ لأحدِهما: إساف، والآخر (٤): نائلة، وكان إسافٌ على الصَّفا، ونائلة على المروة، وكان المشركون إذا


(١) في (ر): "التكلف".
(٢) بعدها في (أ): "قوله".
(٣) بعدها في (أ): "في السماء".
(٤) في (أ): "وللآخر".